للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتأكد عليَّ هنا أن أذكر أمرًا خطيرًا جدًّا وقع فيه المؤلف وهو تكذيب الإمام شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري، وهو شيء لا يسكت عليه -وإن لم تكن له مناسبة ظاهرة:

ذلك أن الطبري يروي في تفسيره عن محمد بن سعد ونصه:

"حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس" وهذا السند كثير الدوران في التفسير، والمقصود بالأب الأعلى: عطية العوفي، وقد صرح ابن حجر باسمه في جميع المواضع التي نقل فيها روايته، وعلى هذا فمحمد بن سعد شيخ الطبري من ذريته وقد ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال"١ فقال: "محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي ... قال الخطيب: كان لينًا في الحديث، وروى الحاكم عن الدارقطني أنه لا بأس به توفي سنة ٢٧٦" ولكن الباحث أبا علبة جعل محمد بن سعد هذا: صاحب الطبقات كاتب الواقدي، وقال عنه٢ وهو يناقش روايته: "توفي سنة ٢٣٠ وولد الطبري سنة ٢٢٤ أي: أن عمره كان ست سنوات ولم يكن قد وعي وخرج من بلده وآمل بطبرستان حتى يتم لقاء بينهما فيحدثه، ولذلك ترد هذه الرواية" وأعاد هذا في موضع آخر٣ وقال: إن الطبري لم يأخذ عن محمد بن سعد وهو صاحب كتاب الطبقات ... إلخ".

وهذا أمر في غاية الاستغراب ولا أدري كيف فات اللجنة التي ناقشته! وكان على الباحث أن يتأنى كثيرًا قبل أن يصدر حكمه القاضي بتكذيب هذا الإمام الذي ينص على السماع من محمد بن سعد هذا بصيغة خاصة وهي "حدثني" وهو بهذا.


١ "٣/ ٥٦٠".
٢ "ص٧٥".
٣ "ص١٥٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>