هنا يقول: صدق الرسول -عليه الصلاة والسلام- نحن في زمن فتن تدع الحليم حيران.
على كل حال هذا الكلام هو الواقع اليوم، تجد من أهل العلم من ينتسب إلى العلم من يفتي بأقوالٍ لا يحسب لها حساب، والدين له سياسة، سياسة تسمى السياسة الشرعية، وباب درء المفاسد وسد الذرائع أمر مقرر عند أهل العلم، فضلاً عن أن يكون العمل بذاته محرماً، المقصود أن على من يفتي الناس عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، ولا يقدم على فتوى، يعني يفتي شخص، يفتي نفسه، يفتي أهله، يفتي شخص بعينه لحالةٍ أو لظرف أو لكذا، يختلف هذا عن إفتاء عامة الناس، كونه يفتي أشخاص أو شخص هذا يختلف، الفتوى لها سياسة، والفتوى من أخطر الأبواب، لا يجوز لمن ليس بأهلٍ للفتوى وليس بكفء لها أن يتصدى، فإذا تأهل فعليه أن يتقي الله -جل وعلا-، وقد كان السلف يتدافعون الفتيا حتى يأتي الرجل إلى البلد لا يجد من يفتيه إلا بشق الأنفس؛ لأن هذا الباب أمره عظيم، وشأنه خطير؛ لأن المفتي يوقع عن الله -جل وعلا-، إذا قال: هذا الحكم الشرعي، معناه أن الله قال هذا الكلام، أن الله قال هذا الحكم، هذا حكم الله، وذكرنا مراراً وفي مناسبات أن من يفتي بغير علم يدخل دخولاً أولياً في قول الله -جل وعلا-: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(٦٠) سورة الزمر] لأن الفتوى بغير علم قول على الله بالكذب، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(١١٦) سورة النحل] وجاء في الحديث الصحيح: ((أن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال؛ ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقِ عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فأضلوا وأضلوا)) على كل حال حتى من عنده علم وتعيّن عليه قول الفتوى وكلف بهذا الأمر أو تأهل لذلك وصار التكليف شرعي، عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، وعلى كل حال الورع لا بد منه، شرط مهم بالنسبة للفتوى عند أهل العلم.
وليس في فتواه مفتٍ متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع