للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثالث

دور القيادة العثمانية

العثمانيون على مسرح التاريخ:

في ذلك الحين ظهر الترك العثمانيون على مسرح التاريخ، وفتح محمد الثاني بن مراد، وهو ابن أربع وعشرين سنة القسطنطينية العظمى عاصمة الدول البيزنطية المنيعة سنة ٧٥٣هـ (١٤٥٣ م) فتجدد رجاء الإسلام وانبعث الأمل في نفوس المسلمين، وكان الترك وعلى رأسهم آل عثمان موضعاً للثقة في قيادة الأمم الإسلامية وفي استرداد قوة المسلمين ومكانتهم في العالم، وكان فتحهم للقسطنطينية التي استعصت على المسلمين ثمانية قرون (١) دليلاً على كفاءتهم وقوتهم، وبلوغهم درجة الاجتهاد في صناعة الحرب، وحسن قيادتهم العسكرية وتفوقهم على الأمم المعاصرة في آلات الحرب واستخدامهم لمهمتهم قوة العلم والعمل. وكل ذلك ما لا غنى للأمة عنه.

تفوق محمد الفاتح في فن الحرب:

وقد كان محمد الفاتح- كما يقول درابر- يعرف العلوم الرياضية ويحسن تطبيقها على الفن الحربي، وكان قد أعد لهذا الفتح عدته، واستفاد كل ما في عصره من معدات حربية

قال البارون " كارادفور " (Barron Carra de vaux) في كتابه " مفكرو الإسلام " في الجزء الأول منه عند ترجمة محمد الفاتح:

((إن هذا الفتح لم يُقيَّض لمحمد الفاتح اتفاقاً، ولا تيسير لمجرد ضعف دولة بيزنطية، بل كان هذا السلطان يدبر التدابير اللازمة له من قبل، ويستخدم له كل ما


(١) غزا الأسطول العربي القسطنطينية بقيادة بسر بن أرطأة سنة ٤٤ للهجرة وفق سنة ٦٦٤ للمسيح، وحاصر يزيد بن معاوية القسطنطينية سنة ٥٢ هجرية وفق سنة ٦٧٢ مسيحية، وحصرها العرب أربع مرات على الأقل بعد ذلك، ولم يفتحوها لمنعتها.

<<  <   >  >>