إن العالم العربي له أهمية كبيرة في خريطة العالم السياسية وذلك لأنه وطن أمم لعبت أكبر دور في التاريخ الإنساني، ولأنه يحتضن منابع الثروة والقوة الكبرى: الذهب الأسود الذي هو دم الجسم الصناعي والحربي اليوم؛ ولأنه صلة بين أوربا وأمريكا، وبين الشرق الأقصى، ولأنه قلب العالم الإسلامي النابض يتجه إليه روحياً ودينياً ويدين بحبه وولائه، ولأنه عسى - لاقدر الله - أن يكون ميدان الحرب الثالثة، ولأن فيه الأيدي العاملة، والعقول المفكرة، والأجسام المقاتلة، والأسواق التجارية، والأراضي الزراعية، ولأن فيها مصر ذات النيل السعيد بنتاجها ومحصولها وخصبها وثروتها ورقيها ومدنيتها، وفيه سورية وفلسطين وجاراتها، باعتدال مناخها وجمال إقليمها وأهميتها الاستراتيجية، وبلاد الرافدين بشكيمة أهلها ومنابع فيها، والجزيرة العربية بمركزها الروحي وسلطانها الديني، واجتماع الحج السنوي الذي لا مثيل له في العالم وآبار البترول الغزيرة. كل ذلك قد جعل العالم العربي محصر أنظار الغربيين، وملتقى مطامعهم وميدان تنافس لقيادتهم، وكان رد فعله أن نشأ في العالم العربي شعور عميق بالقومية العربية، وكثر التغني ((بالوطن العربي)) و ((المجد العربي)) .
محمد رسول الله روح العالم العربي:
ولكن المسلم ينظر إلى العالم العربي بغير العين التي ينظر بها الأوربي، وبغير العين التي ينظر بها الوطني العربي، إنه ينظر بها الوطني العربي، إنه ينظر إليه كمعهد الإسلام ومشرق نوره ومعقل الإنسانية , وموضع القيادة العالمية , ويعقد أن سيدنا محمداً العربي هو روح العالم العربي وأساسه وعنوان مجده؛ وأن العالم العربي - بما فيه من موارد الثروة والقوة وبما فيه من خيرات وحسنات - جسم بلا روح , وخط بلا وضوح إذا انفصل - لا سمح الله بذلك - عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطع صلته عن تعاليمه ودينه؛ وأن سيدنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أبرز العالم العربي للوجود , فقد كان هذا العالم وحدات مفككة , وقبائل متناحرة , وشعوباً مستعبدة ومواهب ضائعة , وبلادا ًتتسكع في الجهل والضلالات , فكان العرب لا يحلمون بمناجزة الدولة الرومية