والفارسية ولا يخطر ذلك منهم على بال , ولا يصدقون بذلك إذا قيل لهم في حال من الأحوال , وكانت سورية التي تكون جزءاً مهماً من العالم العربي مستعمرة رومية تعاني الملكية المطلقة والحكم الجائز المستبد , لا تعرف معنى الحرية والعدل , وكان العراق مطية لشهوات الدولة الكيانية مثقلة بالضرائب المحفة والإتاوات الفادحة. وكانت مصر قد اتخذها الرومان ناقة حلوباً ركوبا ً , يجزون صوفها ويظلمونها في علفها , ثم إنها تعاني الاضطهاد الديني مع الاستبداد السياسي، فما لبث هذا العالم المفكك المنحل، المظلوم المضطهد، أن هبت عليه نفحة من نفحات الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، أدرك رسول الله من هذا العالم وهو ضائع هالك وأخذ بيبده وهو ساقط متهالك، فأحياه بإذن الله وجعل له نوراً يمشي به في الناس، وعلمه الكتاب والحكمة وزكاه؛ فكان هذا العالم بعد البعثة المحمدية سفير الإسلام، ورسول الأمن والسلام، ورائد العلم والحكمة، ومشعل الثقافة والحضارة. كان غوثاً للأمم، غيثاً للعالم، هنالك كانت الشام وكان العراق، وكانت مصر، وكان العالم العربي الذي نتحدث عنه، فلولا محمد صلى الله عليه وسلم، ولولا رسالته، ولولا ملته، لما كانت سورية، ولا كان العراق، ولا كانت مصر، ولا كان العالم العربي، بل ولا كانت الدنيا كما هي الآن حضارة وعقلاً، وديانة وخلقاً، فمن استغنى عن دين الإسلام من شعوب العالم العربي وحكوماته، وولى وجهه شطر الغرب أو أيام العرب الأولى، أو استلهم قوانين حياته أو سياسته من شرائع الغرب ودساتيره أو أسس حياته على العنصرية أو العروبة التي لا شأن لها بالإسلام , ولم يرض برسول الله قائداً ورائداً وإماماً وقدوة , فليرد على محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم نعمته ويرجع إلى جاهليته الأولى , حيث الحكم الروماني والإيراني , وحيث الجهل والضلالة , وحيث الغفلة والبطالة وحيث العزلة عن العالم , والخمول والجمود , فإن هذا التاريخ المجيد , وهذه الحضارة الزاهية , وهذا الأدب الزاخر , وهذه الدول العربية , ليست إلا حسنة من حسنات محمد عليه الصلاة والسلام.
الإيمان هو قوة العالم العربي:
فالإسلام هو قومية العالم العربي , ومحمد صلى الله عليه وسلم هو روح العالم العربي وإمامة وقائده والإيمان هو قوة العالم العربي التي حارب بها العالم البشري كله فانتصر عليه ,