وكانوا يحكمون في ثلاث قارات: أوربا، وآسيا، وإفريقية، ملكوا الشرق الإسلامي من فارس حتى مراكش، ودوخوا آسيا الصغرى وتوغلوا في أوربا، حتى بلغوا أسوار " فيينا " وكانوا سادة البحر المتوسط من غير نزاع...... قد جعلوه بحيرة عثمانية لا أثر للأجنبي حوله وقد كتب معتمد القيصر بطرس الأكبر لدى الباب العالي أن السلطان يعتبر البحر الأسود كداره الخاصة فلا يباح دخوله لأجنبي، وأنشأوا أسطولاً عظيماً لا قبل لأوربا به حتى
اجتمعت لسحقه كل من عمارات البابا والبندقية وإسبانيا والبرتغال ومالطة عام ٩٤٥هـ -١٥٤٧م - ولكن لم تغن عنهم كثرتهم شيئاً.
وقد جمعت الإمبراطورية العثمانية في عهد سليمان القانوني الكبير بين السيادتين البرية والبحرية وبين السلطتين السياسية والروحية.
بلغت حدود الدولة العثمانية على ملك سليمان الطونة والصاوة (النهرية) في الشمال ونبع النيل والمحيط الهندي في الجنوب وسلسلة جبال القفقاس في الشرق وجبال أطلس في الغرب وهي مساحة تزيد على ٤٠٠ ألف ميل مربع.
وكان الأسطول العثماني مؤلفاً مما يزيد على ٢٠٠٠ مركب حربي، وكان القسم الشرقي من بحر سفيد وبحر الأدرياتيك ومرمرة وأزاق والأسود والأحمر وفارس في حوزته وتحت سيطرته.
ودخل كل مدينة شهيرة في العالم القديم ما عدا رومة في ضمن حدود الدولة العثمانية (١) ، وكانت أوربا كلها ترتعد منهم فرقاً، ويدخل ملوكها الكبار في ذمة ملوكهم، ويمسك أهل الديار عن قرع أجراس كنائسهم احتراماً للترك إذا نزلوا بها وأمر البابا أن يحتفل بعيد، وأن تقام صلوات الشكر مدة ثلاثة أيام لما أتاه نعي محمد الفاتح.
(١) فلسفة التاريخ العثماني لمحمد جميل بيهم. ص ٢٨٠ - ٢٨١