والقسوة والأثرة وأكل أموال الناس بالباطل، والصد عن سبيل الله. وقد وصفهم القرآن الكريم وصفاً دقيقاً عميقاً يصور ما كانوا عليه في القرنين السادس والسابع من تدهور خلقي، وانحطاط نفسي، وفساد اجتماعي، عزلوا بذلك عن إمامة الأمم وقيادة العالم.
بين اليهود والمسيحيين:
وقد تجدد في أوائل القرن السابع من الحوادث ما بغضهم إلى المسيحيين، وبغض المسيحيين إليهم وشوه سمعتهم، ففي السنة الأخيرة من حكم فوكاس (٦١٠ م) أوقع اليهود بالمسيحيين في أنطاكية، فأرسل الإمبراطور قائده " أبنوسوس" ليقضي على ثورتهم، فذهب وأنفذ عمله بقسوة نادرة، فقتل الناس جميعاً، قتلاً بالسيف، وشنقاً وإغراقاً وتعذيباً، ورمياً للوحوش الكاسرة.
وكان ذلك بين اليهود والنصارى مرة بعد مرة. قال المقريزي في كتاب الخطط:((وفي أيام فوقا ملك الروم، بعث كسرى ملك فارس جيوشه إلى بلاد الشام ومصر فخربوا كنائس القدس وفلسطين وعامة بلاد الشام، وقتلوا النصارى بأجمعهم وأتوا إلى مصر في طلبهم، وقتلوا منهم أمة كبيرة، وسبوا منهم سبياً لا يدخل تحت حصر وساعدهم اليهود في محاربة النصارى وتخريب كنائسهم. وأقبلوا نحو الفرس من طبرية وجبل الجليل، وقرية الناصرية صور، وبلاد القدس، فنالوا من النصارى كل منال، وأعظموا النكاية فيهم، وخربوا لهم كنيستين وأحرقوا أماكنهم، وأخذوا قطعة من عود الصليب، وأسروا بطرك القدس وكثيراً من أصحابه (١)) .
إلى أن قال بعد أن ذكر فتح الفرس لمصر:
((فثارت اليهود في أثناء ذلك بمدينة صور وأرسلوا بقيتهم في بلادهم وتواعدوا على الإيقاع بالنصارى وقتلهم، فكانت بينهم حرب اجتمع فيها من