للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بنوه: إن الله قد جعل لك رخصة فلو قعدت ونحن نكفيك وقد وضع الله عنك الجهاد، فأتى عمرو بن الجموح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن بَنيَّ هؤلاء يمنعونني أن أخرج معك، ووالله إني لأرجو أن استشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد، وقال لبنيه: وما عليكم أن تدعوه لعل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة فخرج مع رسول الله صل الله عليه وسلم فقتل يوم أحد شهيداً (١) .

قال شداد بن الهاد: جاء رجل من الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه فقال أهاجر معك، فأوصى به بعض أصحابه، فلما كانت غزوة خيبر غنم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فقسمه، وقسم للأعرابي فأعطى أصحابه ما قسم له وكان يرعى ظهورهم، فلما جاء دفعوه إليه فقال: ما هذا؟ قالوا: قسم قسمه لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا يا رسول الله؟ قال قسم قسمته لك، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكن اتبعتك على أن أُرْمَى ها هنا- وأشار إلى حلقه- بسهم، فأموت فأدخل الجنة، فقال: إن تصدق الله ليصدقك، ثم نهضوا إلى قتال

العدو فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقتول فقال: أهو هو؟ قالوا: نعم، قال: صدق الله فصدقه (٢) .

من الأنانية إلى العبودية:

وكانوا قبل هذا الإيمان في فوضى من لأفعال والأخلاق والسلوك والأخذ والترك والسياسة والاجتماع، لا يخضعون لسلطان ولا يقرون بنظام ولا ينخرطون في سلك، يسيرون على الأهواء ويركبون العمياء ويخبطون خبط عشواء، فأصبحوا الآن في حظيرة الإيمان والعبودية لا يخرجون منها، واعترفوا لله بالملك والسلطان والأمر والنهي، ولأنفسهم بالرعوية والعبودية والطاعة المطلقة، وأعطوا


(١) زاد المعاد ج٣ ص ١٣٥.
(٢) زاد المعاد ج٣ ص ١٩٠.

<<  <   >  >>