وتعقب بأنه بنى كلامه على أن السبعين المذكورين أرفع رتبة من غيرهم مطلقاً، وليس كذلك لما سأبينه، وجوز أبو طالب بن عطية في "موازنة الأعمال" أن السبعين المذكورين هم المراد بقوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [(١٠ - ١٢) سورة الواقعة]، فإن أراد أنهم من جملة السابقين فمسلَّم وإلا فلا، وقد أخرج أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان من حديث رفاعة الجهني قال:"أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر حديثاً وفيه ((وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً بغير حساب، وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتى تبوؤوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة)) فهذا يدل على أن مزية السبعين بالدخول بغير حساب لا تستلزم أنهم أفضل من غيرهم، بل فيمن يحاسب في الجملة من يكون أفضل منهم، وفيمن يتأخر عن الدخول ممن تحققت نجاته، وعرف مقامه من الجنة، يشفع في غيره من هو أفضل منه، وسأذكر بعد ... إلى آخره.
" ((ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون)) ": فيه أيضاً مسألة السبعين الألف.
وجاء في أحاديث أخرى أكثر من ذلك، فأخرج الترمذي وحسنه الطبراني ....
طالب:. . . . . . . . .
لأنه قال:((فزادني مع كل ألف سبعين ألفاً)) مع كل ألف سبعين ألفاً.
ثم قال: وجاء في أحاديث أخرى أكثر من ذلك، فأخرج الترمذي وحسنه الطبراني وابن حبان في صحيحه من حديث أبي أمامة رفعه:((وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً مع كل ألف سبعين ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب، وثلاث حثيات من حثيات ربي)).
وفي صحيح ابن حبان أيضاً والطبراني بسند جيد من حديث عتبة بن عبد نحوه بلفظ:((ثم يشفع كل ألف في سبعين ألفاً، ثم يحثي ربي ثلاث حثيات بكفيه))، وفيه "فكبر عمر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن السبعين ألفاً يشفعهم الله في آبائهم وأمهاتهم وعشائرهم، وإني لأرجو أن يكون أدنى أمتي الحثيات)) وأخرجه الحافظ الضياء وقال: لا أعلم له علة. قلت: علته الاختلاف في سنده، فإن الطبراني أخرجه.