"باب الخوف من الشرك": لماذا نخاف من الشرك؟ لأن النجاة إنما تكون بالتوحيد، وإذا وجد التوحيد الخالص المحقق انتفى ضده، وإذا وجد الضد -وهو الشرك- انتفى التوحيد، فإذا كانت النجاة لا بد فيها من تحقيق التوحيد، فلا بد فيها أيضاً من البراءة من الشرك بجميع أنواعه وأقسامه، يستوي في ذلك الشرك الأكبر والشرك الأصغر والشرك الخفي، وإن كان بعضهم يدرج الخفي في الأصغر، وبعضهم يقول: حتى الأكبر فيه خفي، والأصغر فيه خفي، لكن إفراد الشرك الخفي يعني القسمة ثلاثية أو ثنائية؛ لأنه إذا كان يمكن الاقتصار على أقل عدد يفي بالغرض، فهو أولى، لكن أحياناً يمكن كما هنا، يمكن إدراج بعضها في بعض لتكون أقل، لكن أهل العلم لا يقصدون إلى مثل هذا؛ للاهتمام بشأن المفرد ولو دخل في غيره، ولو دخل في غيره، ولذلك تجدون أهل العلم يقتصر على أن الشرك أكبر وأصغر، وبعضهم يقول: لا، أكبر وأصغر وخفي، طيب الخفي يدخل فيما قبله، قد يشرك الإنسان شركاً أكبر ظاهراً، يسجد لصنم، وقد يشرك شركاً أكبر خفياً يعتقد في ولي أنه ينفع ويضر من دون الله، وقد يشرك شركاً أصغر ظاهراً -يحلف بغير الله- وقد يشرك شرك أصغر خفياً، كيسير الرياء، العلماء يقولون: يسير الرياء، وفي الحديث إطلاق على ما سيأتي.
المقصود أن أهل العلم يمكنهم أحياناً الاختصار، ومع ذلك يعمدون إلى شيء من البسط للاهتمام بشأن المذكور الذي يمكن دخوله في غيره، فالخفي كما يخل في الأصغر يدخل في الأكبر، وتكثير الأقسام لا شك أن فيها توعير على طالب العلم من جهة، وتشتيت، لكن كلما قلت الأقسام سهل حصر العلم، وأهل العلم أحياناً يسلكون هذا وهو الأصل عندهم، لكن قد يحتاجون إلى إفراد بعض الأنواع وإن دخلت في غيرها من باب الاهتمام بها والعناية بشأنها.