{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي}: هذه طريقي، وأفردت .. ، أفرد السبيل وهو الصراط المستقيم؛ لأنه سبيل واحد، {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ} [(١٥٣) سورة الأنعام]، السبيل الأصل فيه أنه واحد؛ لأنه لا طريق ولا صراط ولا سبيل يوصل إلى الله -جل وعلا- إلا واحد، وهو ما يكون بالاعتصام بالوحيين واتباع النبي -عليه الصلاة والسلام-، سبيل واحد وطريق واحد، وجاء في قوله -جل وعلا-: {يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ} [(١٦) سورة المائدة]، سبُل، والأصل في السبيل أنه مفرد واحد، ما في سبل وطرق توصل إلى الله -جل وعلا- متعددة، إلا سبيل واحد وهو الصراط المستقيم، وهو سبيل وطريق النبي -عليه الصلاة والسلام-، وسبل السلام احتاجت إلى وصف من إضافة الموصوف إلى صفته، سبل السلام، لو لم توصف لما جاز أن يعبر بالجمع، لكن لما وصفت انتفى المحظور، السلام هو السلامة، ولا تكون السلامة إلا باتباع النصوص.
وأيضاً قد يقال: سبل باعتبار الوسائل، والسبيل باعتبار الغاية، فالسبل إذا قلنا: باعتبار الوسائل الموصلة إلى الله -جل وعلا- فالجميع مما شرعه الله سبل، وباعتبار الجنس سبيل كلها تندرج تحت مسمىً واحد، وهو سبيل الله وصراطه المستقيم، لكن باعتبار أفرادها التوحيد سبيل، الصلاة سبيل، الزكاة سبيل موصلة إلى الله -جل وعلا-، فهي سبل وكلها سبل للسلام، وطرق للسلامة.
" {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} ": قل هذه: الإشارة قل يا محمد، قل يا محمد هذه الإشارة إلى محسوس، وإلا معنوي معقول؟
نعم، معنوي، إلى أمر معنوي، والإشارة الحسية في الأصل إنما تكون إلى الأمر المحسوس، إلى الأمر المحسوس، لكن باعتبار وضوحها، وكونها كالشمس في رابعة النهار صحت الإشارة إليها.