" {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} ": على علم، على علم ووضوح فيما يدعى إليه، بخلاف من يدعو إلى الله، وقد يكون صحيح القصد لكنه عن جهل، بعض الناس يكون عنده حرص على الخير للناس، وحرص على الخير لنفسه أولاً ثم لغيره، لكنه يدعو الناس على غير بصيرة -على جهل- وهذا واقع، وكثيراً ما نسمع من يتكلم وعلمه ناقص، وقد يكون من العامة، وقد يكون عقله غير تام، نسمع هذا كثيراً، وتجد مثل هؤلاء لا يترددون في الكلام، بينما -مع الأسف الشديد- أن المؤهل قد يتردد وينظر ويوازن، ويحسب للكلمة ألف حساب، ولذلك الشيطان يخذله، أنت لست بحاجة، يعني الناس ممكن تقول كلام ما يستفيدون منه، الناس جاؤوا لفرح، تبي تنكد عليهم، وتكدر صفوهم بالكلام، وتجد الشيطان يخذل الكفء، ثم يتصدى لذلك من ليس بكفءٍ، هذا أمر واقع، تجد بعض الذين يتصدرون لوعظ الناس، وتوجيههم وإرشادهم بعضهم ليسوا أكفاء، وتجد كثيراً من الأكفاء يتخاذلون ويترددون، ويتحسسون من أمور يظنون أن لها نتائج، ثم بعد ذلك يتقاعسون، ويتركون المجال لغير الكفء، وقل مثل هذا في كثير من الأمور، يعني نسمع من يفتي وهو ليس بأهل، لماذا؟ لماذا يسأل هذا الشخص الذي ليس بأهل؟ لتقصير الكفء، يعني لو أن الناس كل أدى ما عليه ما احتجنا إلى مثل هذا أن يفتي، أو مثل هذا أن يتكلم ويعظ، لو قام كل أحد بما أوجب الله عليه ما احتجنا إلى مثل هذه الأمور، كما أنه لو أديت الزكاة على وجهها لما وجدت السرقات والغش في المعاملات، لكن لما وصدت الأبواب الشرعية، أو قلَّت المنافذ الشرعية فتحت أبواب الشرور، فعلى الكفء ألا يتأخر، ولا يجوز له أن يرى المعصية ولا ينكر، ولا يجوز له أن يرى ما يحتاج إلى بيان ولا يبين؛ لأنه أخذ عليه عهد، وميثاق أن يبين، ولا يترك المجال لغير الأكفاء.
كثيراً ما يتحدث الناس في مجالسهم أن فلاناً لا يترك فرصة إلا ويتكلم، وتجد في المجالس لماذا لا يمنع، لماذا .. ؟ لأنه إلى العامية أقرب، طيب من يقوم مقامه؟ هؤلاء الذين تكلموا ما عرفوا بشيء، ولو أن الكفء قام بما أوجب الله عليه، ما ترك مجالاً لمثل هذا، لكن لما خلت الساحة تكلم مثل هذا.