"الثانية: التنبيه على الإخلاص؛ لأن كثيراً من الناس لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه": التنبيه على الإخلاص؛ لأنه إذا كان على بصيرة هاه؟ هو يدعو إلى الله، وعلى بصيرة؛ لأن بعض الناس يزعم أنه يدعو إلى الله، لكن مع ذلك في قرارة نفسه يدعو الناس إلى نفسه، وسمع شخصاً يعظ الناس، فقال له: من أنت، قال: ابن فلان، قال: أنت ابن اعرفوني، ابن اعرفوني، إذا تكلم الإنسان اتجهت الأنظار إليه، إذا تكلم الإنسان اتجهت الأنظار إليه، فهو يريد أن يعرف؛ لأنه قال: التنبيه على الإخلاص، {أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [(١٠٨) سورة يوسف]؛ لأن كثيراً من الناس لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه، فهو يدعو إلى نفسه، وهذا أمر فيه طرفان، فيه طرفان: الطرف الأول: من يستغل كل مناسبة، أما بالنسبة إلى المخلص لله -جل وعلا- ويدعو إلى الله، هذه سبيل النبي -عليه الصلاة والسلام- بعض الناس يستغل كل مناسبة من أجل أن يعرف في هذه المناسبة، يقابله شخص يصلي مع جماعة كبيرة في مسجد لمدة شهر، ومع ذلك لا يعرفه أحد وهو من أهل العلم، هذا دليل على أنه قصر في مجال الدعوة، كلاهما مذموم، يعني كونه يمضي شهر على عالم يصلي مع جمع من الناس ولا يعرف، ممدوح وإلا مذموم؟
دليل أنه ما قدم لهم شيئاً، ويقول: أنا لست ممن يقول ممن يدعو إلى نفسه، ولست ممن يعرفوني، أنا أصلي خفية، وأخرج خفية، نقول: لا، هؤلاء يحتاجون ما عندك من علم، لكن لا تصير مثل ابن يعرفوني، ولا تصير مثل الذي يصلي بحيث لا يعرف؛ لأن الناس يحتاجون العالم، وهناك أماكن يتعين فيها البيان، يتعين فيها البيان، ودين الله -سبحانه وتعالى- وسط بين هذا وهذا، بين من يستغل كل مناسبة من أجل أن يعرف، ووراء ذلك أن يخدم، وبين من يصلي أو يخالط الناس مدة طويلة ولا يعرفه منهم أحد، هذا دليل على تقصيره وأنه لا فرق بينه وبين العامة.