الأصل أن مثل هذا من خواص سليمان -عليه السلام-، ليس لأحد أن يستعمله، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أراد أن يوثق الجني قال:((تذكرت دعوة أخي سليمان)) وهذا في صحيح البخاري، ولا شك أن التوسع بمثل هذا غير مرضي، وأنه لا بد من حسم هذه المادة؛ لأنهم يعينونك وعندهم استعداد يعينونك من غير أن تقدم لهم شيئاً، تطلب فيحضروا لك، ثم إذا تورطت في منتصف الطريق طلبوا منك أن تشرك، وأنت في منتصف الطريق، هل تستطيع أن ترجع؟ إذا كنت تخبر الناس بواسطة هؤلاء الجن بمفقوداتهم، والله ضاع لفلان دابة، تقول: أعلمك عنها، تسأل الجن يخبرونك، تقول: بمكان فلان، ثم يأتيك ثاني وثالث وعشرة ومائة، ثم إذا تورطت توقفوا، إلا أن تهدي لهم ديكاً أو كبشاً، يقولون: لا تذبح؛ لأن الذبح شرك، اهدنا حياً، ثم بعد ذلك إذا أوغلت وركبك الناس وسدت الناس، وصرت كبيراً مطاعاً في قومك، فإنهم حينئذ يأمرونك بالشرك الأكبر، وهذا حاصل، يعني استدرج كثير من الناس بهذه الطريقة إلى أن وصل إلى هذا الحد، وليس بإمكانك أن تقول: أمشي معهم حتى أصل إلى المحظور، ليس لك ذلك؛ لأن هذه من وسائل الشرك، وهم أمور من الأمور الغيبية التي لا تطلع عليها، ولا تعرف حقائقها، فليست لك أن تتعامل معهم أبداً؛ لأنهم أولاً الانتفاع من الشياطين ومن الجن عموماً من خصائص سليمان، {لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [(٣٥) سورة ص]، وأجاب الله دعاءه، فلا ينبغي لأحد من بعده أن يستعمل الشياطين بوجه من الوجوه، والمسألة جد خطيرة، وكم من قدم زلت في هذا الباب، يعني عرف ناس، واحد جاءنا قال: إنه أحرق سبعين مملكة شياطين، وأنه مشى على يده سبعون مقعداً، وكان في أول أمره الرقية والتحدث مع الجن، واستدرجوه إلى أن وصل إلى حد غير مرضي، وشرح لنا بعض طريقته فإذا هي ليست بشرعية، وصار له اتصال بحجاج من إفريقيا ومن الهند، ومن يمين وشمال، فوقع في المحظور، وهو لا يشعر، فالاستدراج في هذه الأمور لا يجوز للإنسان أن يعرض نفسه لما يوقعه في الشرك، سواءً شعر أو لم يشعر، نعم؟