"وقول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} ": {أَفَرَأَيْتُمُ} يعني أخبروني وهذا استفهام، وإذا دخل الاستفهام على جملة مقرونة بالفاء العاطفة يقدر بين الاستفهام والفاء جملة يعطف عليها، يعطف عليها ما بعد الفاء، وعلى كل حال المعنى في هذا ونظائره أخبروني عن هذه المعبودات التي تعبدونها من دون الله، هل تنفعكم أو تضركم من دون الله، {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} وهو استفهام إنكاري، استفهام إنكاري.
{أَفَرَأَيْتُمُ}: أخبروني عن هذه الآلهة، اللات: قرئت بتخفيف التاء، اللاتَ، وقرئ بتشديدها، التشديد مما روي عن ابن عباس أفرأيتم اللاتَّ.
اللات بالتخفيف قالوا: إنها مأخوذة من الإله، كما أن العزى مأخوذة من العزيز، اللات مأخوذة من الإله، والعزى من العزيز، وكلاهما على صيغة المؤنث، على صيغة المؤنث، هذا على قراءة التخفيف، وهي قراءة الأكثر.
واللاتَّ بتشديد التاء على قراءة ابن عباس قالوا: إنه رجل في الطائف يلت السويق للحجاج ويطعمهم قُرب صخرة هناك فلما مات عكفوا على قبره وصاروا يتقربون إلى هذه الصخرة، أو يتقربون إلى القبر، وعلى كل حال سواءً تقربوا إلى الصخرة التي أطلق عليها فيما بعد اللات، أو تقربوا إلى قبره وهو لاتٌّ لأنه يلت السويق، وهذا هو الشرك الأكبر، هذا هو الشرك الأكبر.
واللات: معبود لثقيف بالطائف، وسبب التسمية ما سمعتم، إما أنهم اشتقوها من الإله، أو نسبة لذلك الرجل الذي يلت السويق للحجاج.
{الْعُزَّى}: أخذوها من العزيز، وهي معبود قريش.
{وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ}: قالوا: إنها لبني هلال.
{الْأُخْرَى}: تأنيث الآخر، أي المتأخر، أو الأَخِر الحقير، فهي حقيرة، والثلاثة كلها، الثلاثة الأصنام كلها حقيرة؛ لأنها لا تدفع عن نفسها، لا تدفع الذباب عن نفسها، ولا تدفع من يبول فوقها
لقد هان من بالت عليه الثعالب، تبول عليها الثعالب ولا تستطيع أن تدفع عن نفسها، فكيف تدفع عن غيرها؟! ولذا جاء الإنكار عليهم:{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [(١٩ - ٢٠) سورة النجم].