يعني أمور الدين كلها ما وصلت إلى الأمة إلا عن طريقه -عليه الصلاة والسلام-، إلا عن طريقه -عليه الصلاة والسلام-، يعني لا شك أن للمتأخرين استنباطات، وفهم لبعض النصوص لم يُسبق إليه، بحيث لو نظرت في معنى هذه الآية، وجدت عند هذا المفسر المتأخر معنى مناسب تدعمه اللغة، ولا ينافيه نص آخر، ويشمله ((ربَّ مبلغ أوعى من سامع))، فهمه هذا المتأخر، وبحثت عنه في كتب المتقدمين فلم تجد له أدنى إشارة، ولم يعرجوا عليه ولم يعولوا عليه، كونه يخفى على بعض .. ، على جميع المتقدمين مثلاً، وينتبه له هذا المتأخر، وهذا قد يكون من فتح الله عليه، وقد يكون استدلالاً بأمور مصاحبة لهذا العلم خارجة عنه، يعني من مجموع مكتسباته في العلم، وقد يصل إلى هذه الفائدة بواسطة علوم أخرى، بواسطة علوم أخرى، فمثل هذا هل نقول: إن الذي خفي على سلف هذه الأمة وأدركه هذا المتأخر، بمعنى أنه لا يخرج في تقرير الحكم عن حكم المتقدمين، يعني الحكم .. ، لا يجوز أن يحدث قولاً جديداً -بالنسبة للحكم- لكن في الاستنباط والاستدلال لهذا الحكم، استنبط من آية ما لم يستنبطه المتقدمون، مما يدل على هذا الحكم، هذا ما فيه إشكال؛ ((رب مبلغ أوعى من سامع))، لكن يستحدث قول جديد لم يسبق إليه، هذا لا يمكن أن يقال.
فهل نقول: إن هذا الاستنباط يمكن أن يخفى على النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما ذكَر هذا الدليل الذي يدل على هذه المسألة، وذكر أحاديث أخرى فيها من الدلالات التبعية على مسائل أخرى تنبه المتأخر لها ولم يتنبه المتقدم، وأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- احتمال أن يكون لم يرد ما أراده هذا المتأخر وإن كان وجه الاستنباط صحيحاً، نقول: كل علم يتعلق بالدين إنما طريقنا لا بد أن يكون عن طريق، أو علمنا لا بد أن يكون بواسطة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وعلى كل حال لا شك الأحوط أن يقال: الله أعلم، في كل شيء، حتى في ختم الفتاوى نص العلماء على أن من أدب الفتوى أن تختم بقول: الله أعلم.