" ((قلتم -والذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل لموسى:{اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} ": {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا} سبحان الله، من تعبدون؟ هذا وموسى بين أظهرهم، ومحمد -عليه الصلاة والسلام- بين ظهرانيهم، هؤلاء يقولون: اجعل لنا ذات أنواط، وأولئك يقولون:{اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}!!
{قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [(١٣٨) سورة الأعراف]: وأي جهل أعظم من هذا الجهل؟ يعبدون الله في الأصل، واستجابوا لنبيه، ونبيه بين أظهرهم ويقولون:{اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} ولا جهل أعظم من هذا الجهل، {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}.
ثم قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: " ((لتركبن سنن من كان قبلكم)) ": يعني طرق أو سُنن، هي ضبطت كذا وكذا، يعني طرق من كان قبلكم.
وفي بعض الروايات ((حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)) وفي بعض الروايات: ((ولو وجد من ينكح منهم أمه علانية لوجد فيكم))، وفي بعض الروايات: قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال:((فمن؟ ))، يعني من القوم المقتدى بهم إلا أولئك؟؛ لأن غيرهم من الأمم انقطعت أخبارهم، لكن هؤلاء مازال فيهم بقايا مؤثرة في الناس.
وإذا كان هذا يقوله النبي -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه، فكيف بمن جاء بعهدهم بالقرون المتطاولة؟ يعني إذا كان تقليد اليهود والنصارى في أوقات وفي عصور لن يفوقوا الناس بشيء، الناس عاديين ما عندهم شيء، ومع ذلك يشابههم أو يتشبه بهم بعض المسلمين، ففي عصرنا -عصر الانبهار بحضارتهم، وصناعاتهم ومخترعاتهم- جعل بعض الضعاف من المسلمين ينظر إلى هذا البهرج ويتمنى ويفعل ويقلد اقتداء المغلوب بالغالب، سنة إلهية أن المغلوب يقتدي بالغالب، والله المستعان.
يعني كثير من المسلمين يرى أننا لو كنا على حق لنصرنا الله على غيرنا ولتقدمنا أكثر من غيرها؛ لأننا على الحق، ولذا ألف من ألف في ذم الدين والمتدينين فمنهم من كتب هذه هي الأغلال، ومنهم من كتب عن الديانة بأنها أفيون الشعوب؛ كل هذا لأنه نظر إلى واقع المسلمين، وأنهم متخلفون، وأنهم في آخر الركب.