أنواع التوحيد ألف فيها المؤلفات الكثيرة وكل .. ، أكثر المؤلفات، أكثر المؤلفات تعالج توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات له نصيب، وأما توحيد الألوهية فرأى الشيخ -رحمة الله عليه- من الواقع الذي يعيشه، من الواقع المرير الذي تقع فيه المخالفات في أصل الأصول -وهو تحقيق التوحيد- رأى -رحمه الله تعالى- أن الحاجة ماسة إلى التأليف في هذا النوع من أنواع التوحيد، وإلا فأنواع التوحيد كما قررها أهل العلم بطريق الاستقراء للنصوص ثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
توحيد الربوبية: هو توحيد الله -جل وعلا- بأفعاله، كالخلق والرزق، الإحياء، الإماتة، كل هذه من خصائصه -جل وعلا-، لا يدعي أحد أنه يخلق، ولا يدعي أحد أنه يرزق، ولا يدعي أحد أنه يحيي، إلا على طريق المكابرة مع علمه وجزمه يقيناً أنه لا يستطيع ذلك، ولا أنه يميت.
قد يكون الإنسان سبباً في رزق مخلوق، وقد يكون سبباً في إماتته، قد يكون سبباً في إنقاذ حياته إذا أشرف على الموت، وأسعفه فالذي أحياه هو الله -جل وعلا- لكن هذا سبب، فالإنسان حينما يتصدق من ماله الذي اكتسبه وتعب عليه، هو في الحقيقة إنما أعطى من مال الله الذي أعطاه إياه، والله -جل وعلا- حينما يكتب الحياة -حياة الغريق مثلاً- على يد من أنقذه، فالمحيي هو الله -جل وعلا-؛ لأن الأجل لم يتم، ولكن هذا صار سبباً في إنقاذ هذا الغريق من الهلكة، فالخالق هو الله، ولا يدعي أحد أنه يخلق نفسه أو ولده فضلاً عن غيره، والرازق هو الله -جل وعلا- وهو الذي كتب الأرزاق وقدرها، {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ}[٣٢) سورة الزخرف].
والمحيي والمميت هو الله -جل وعلا- ولا أحد يدَّعي ذلك، حتى ولا أهل الشرك، من بعث فيهم النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يدَّعون ذلك.