{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [(٤٦) سورة غافر]: يعرضون عليها غدواً وعيشاً في القيامة أو الآن؟ الآن في الدنيا، وأنهما باقيتان لا تفنيان، والنصوص على ذلك متظافرة متكاثرة، فالجنة أعدها للمؤمنين يوم القيامة، ولضدهم دار الجزاء الثاني التي هي النار.
" ((أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)) ": إذا اعتقد هذا الاعتقاد مع ملاحظة القيود فهذا لا شك أنه سبب من أسباب دخول الجنة ما لم يمنع منه مانع.
" ((أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)) ": الصالح وإن كان قليلاً وغيره وإن كان كثيراً، لكن لا بد من تحقيق التوحيد، لا بد من تحقيق التوحيد.
"أخرجاه": يعني البخاري ومسلم في صحيحيهما.
"ولهما": أي للبخاري ومسلم في الصحيحين، "من حديث عِتبان": عتبان من الصحابة، كان يصلي بقومه وهو معهم، فكُفَّ بصره وشق عليه الخروج إلى الصلاة مع قومه، فدعا النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- إلى بيته لينظر له في مكان يتخذه مصلَّى، فذهب إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- ومعه بعض الصحابة فاتخذ المكان الذي يصلي فيه، وصلى فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم جلسوا يتحدثون، فوقع بعضهم في مالك بن الدخشم، قال: إنه منافق، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله)): يعني الرجل ظاهره الصلاح، وهو ينطق بهذه الكلمة، يقول هذه الكلمة، فلا يجوز الوقوع في عرضه بحال؛ لأن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجهه.
قد يقول قائل: إن مثل هذا العذر من عِتبان يبيح له ترك الجماعة، مع أنه جاء في حديث ابن أم مكتوم وأنه رجل أعمى، والطريق إلى المسجد فيه وعورة وفيه هوام، وليس له قائد يلائمه، ومع ذلك لم يعذره النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه قال له في النهاية:((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال:((أجب؛ لا أجد لك رخصة)).