والجمع بينهما ظاهر، وهو أن عتبان لا يسمع النداء، ولو سمع النداء لقال له مثل ما قال لابن أم مكتوم، وبيته في الطريق بين مسجده -عليه الصلاة والسلام- وبين قباء -في منتصف الطريق- هو لا يسمع النداء -النداء الطبيعي- بدون مكبرات، وبدون مؤثرات -موانع تمنع السماع- يسمع في الغالب من كيلو ونصف، كيلو ونصف إلى كيلوين هذا المتوسط، يسمع بدون مؤثرات، بدون مكيفات، وبدون غلق وأبواب ونوافذ، وسيارات ومصانع، بدون هذه يُسمع، وبدون مكبرات؛ لأن الأصل عدم دخول المحدثات، يعني النداء في وقته -عليه الصلاة والسلام- الجو هادئ، ما فيه سيارات، ما في مصانع، ما في مكيفات، ولا فيه غلَق محكم لا يمكن أن تسمع شيئاً، تسمع، فإذا كانت المسافة كيلو ونصف إلى كيلوين فالسماع متحقق.
وعتبان يبعد بيته عن المسجد أكثر من ذلك، فهو لا يسمع النداء ولذا عُذِر، واتخذ له النبي -عليه الصلاة والسلام- مسجداً في بيته.
وهنا بدأ بالصلاة ثم الحديث والأكل، وفي حديث أنس حينما صنعت أم سليم الطعام للنبي -عليه الصلاة والسلام- ودعته إلى هذا الطعام أكل ثم صلى؛ لأنه في حديث عتبان دُعي إلى الصلاة، وفي حديث أنس دعي للأكل.
ثم قال أنس:"فعمدت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لبس"، وترجم عليه الإمام البخاري باب الصلاة على الحصير، وقد يقول قائل: هل يشك أحد في جواز الصلاة على الحصير لنحتاج إلى هذه الترجمة؟
نعم منهم -من المتقدمين- من كره الصلاة على الحصير، لماذا؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا لا، أخذاً من قوله -جل وعلا- في سورة الإسراء:{وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [(٨) سورة الإسراء]، من باب التسمية، كراهيةً للاسم.
"ولهما من حديث عتبان: ((فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله)) ": يعني الذي يقول: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله هل يتصور أن يترك ما أمره الله به، أو يفعل ما نهاه عنه؛ لأنه يبتغي وجه الله، كيف يبتغي وجه الله وقد ترك المأمور وفعل المحظور؟
قال شيخ الإسلام: إن قوله: ((يبتغي بذلك وجه الله)) مما يطلب فعل الأوامر وترك النواهي.