للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن أسألك عن الفتنة التي -تضطرب- تموج كموج البحر" واضطرابه عند هيجانه، هذه الفتنة التي ينبغي أن يهتم بها، وإلا الفتن التي ذكرت في أهله وماله وولده وجاره، هذه ينبغي للإنسان أن يحتاط فيها، لكن المسألة أولويات، ينبغي أن يهتم بما هو أعظم منها، ثم يلتفت إليها، فيحتاط للأعظم قبل أن يحتاط للأسهل، والدين لا شك أنه وإن كان الكل شرعٌ من عند الله -عز وجل- إلا أن فيه كبائر، فيه موبقات، وفيه صغائر، فيه فسوق، فيه عصيان، وهي متفاوتة، نعم إذا نظرنا إلى جانب من عصي وهو الله -عز وجل- فانتهاك أمره ونهيه كبير من هذه الحيثية، لكن جاءت النصوص على أن الذنوب متفاوتة، فعلى الإنسان أن يحرص على اجتناب الكبائر، يحرص أشد الحرص على كبائر الذنوب والموبقات فلا يقربها، ثم بعد ذلكم يلتفت إلى هذه الصغائر.

طيب، لو واحد عنده تجارة ووقع في شيء من الشبهات في هذه التجارة، فجاءه شخص يعرضه، يا أخي هذه الشبهات ما لك ولها، أنت الآن كراعٍ يرعى حول الحمى، يمكن أن يرد عليه يقول: هذه فتنة مال، الأمر سهل، المشكلة في الفتن التي تموج موج البحر؟ لا، لكن في هذا الظرف الذي فيه السؤال، القصد من السؤال بيان الفتنة الكبرى التي تموج كموج البحر، وليس معنى هذا أن الإنسان إذا ذكر بما يحصل منه بسبب أهله وماله وولده يقول: الأمر سهل، هذه تكفرها الصلوات، الإشكال والله في الفتنة التي تموج .. ، وإلا أليست هذه معاصي؟ إذا كانت معاصي أنت مأمور باجتنابها، لكن الآن الحديث بصدد شيء محدد، يعني شخص أشكل عليه مسألة في الزكاة، فتأتي تحدثه عن الصيام، يقول لك: دعنا الآن من الصيام أنا عندي مشكلة قائمة الآن في الزكاة، هل معنى هذا التقليل من شأن الصيام؟ ليس معناه، إنما هو بصدد السؤال عن الفتنة التي تموج موج البحر؛ لأهميتها ولشدة الخوف والحذر منها، وليس معنى هذا التقليل من شأن فتنة المال، أو فتنة الأهل والولد والجار.

<<  <  ج: ص:  >  >>