إذا وجد الورع والتحري والتثبت إلزم، هذا الذي أراد الله به خيراً، أما شخص يفتي في كل مسألة يقتحم كل غمرة، ولا يتردد في شيء، ولا يتورع عن شيء مثل هذا تصرفاته توجد منه ريبة، ولو كان عنده شيء من العلم ما لم يتصف بهذا الوصف الذي لا بد من تحقيقه لمن يوقع عن الله -عز وجل- في الفتوى، المفتي في الحقيقة يوقع عن الله -عز وجل-، فإذا لم يتصف بهذا الوصف الذي هو الورع الذي يجعله يحتاط ويتحرى ولا يفتي فيما لا يعلم، والملاحظ أن كثيراً ممن يتصدى لهذه الأمور لا يعرف عنه أنه قال: الله أعلم، أو لا أدري، مثل هذا تصاب مقاتله، مثل هذا يقع في الخطأ، بل يكثر منه خطأ، ولا يعان، ولا يسدد، ولا يوفق، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما تكلم عن الخيل، وأنها لثلاثة:((لرجلٍ أجر، ولآخر وزر، ولثالث ستر)) بعدها فصل، ثم سئل عن الخيل فقال:((ما أنزل علي فيها شيء))، الرسول -عليه الصلاة والسلام- المعصوم، ((إلا هذه الآية الجامعة: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [(٧، ٨) سورة الزلزلة])) هذه تربية لمن يتولى إفتاء الناس، فإذا كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقف، ما أنزل عليه فيه شيء، يعني بالتفصيل ما عنده شيء، لكن دخولها في عموم هذه الآية تدخل، وتجد كثير من أنصاف المتعلمين يتولى يصدر الناس في العضل في المسائل الكبرى، في الأمور الذي يترتب عليها تغيير مسارات مصائر الأمة قد تجد بعض الناس يتصدى بكلامٍ أشبه بالتحليلات الصحفية، يتوقع أن يكون كذا، واجتمع عنده قرائن وكذا ويا الله خذ، فمثل هؤلاء عليهم أن يتقوا الله -عز وجل-، وأجرأ الناس على الفتيا أجرأهم على النار، ويخشى أن يدخلوا في عداد من يكذب على الله -عز وجل-، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(١١٦) سورة النحل] كذب، بل من أظهر وجوه الكذب على الله -عز وجل- الفتيا بغير علم، إذ أنك تقول: إن حكم الله في هذه المسألة كذا، وأنت تكذب عليه، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(٦٠) سورة الزمر] فعلينا أن نحذر