ابتلينا فما شكرنا، ابتلينا بالضراء فصبرنا والحمد لله، وتجاوز أهل هذه البلاد وغيرهم من بلاد الإسلام تجاوزوا فتنة الضراء في عقودٍ مضت، ثم توالت عليهم النعم فلم يتجاوزوها، وتنكبوا عن الجادة، وبدلوا نعمة الله كفراً، هذا الواقع في كثيرٍ من بلدان المسلمين، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [(٢٨) سورة إبراهيم] أحل البوار بكثيرٍ من أصحاب الأرض لا سيما في بلاد المسلمين، فنحن بحاجة إلى أن نرجع إلى ديننا، وأن نعتصم بكتاب ربنا ففيه المخرج من الفتن، فنلزم كتاب الله -عز وجل- قراءةً وحفظاً وتدبراً وفهماً وعملاً، علماً وعملاً، ففيه كل ما يحتاجه المسلم، ونقرأ عليه أو معه ما يعين على فهمه وتدبره، ومن خير ما يعين على فهم الكتاب الذي فيه المخرج من الفتن كلها ما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن أصح ما صح عنه -عليه الصلاة والسلام- ما حواه هذا الكتاب العظيم الذي هو أصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل-، فمن المناسب ومن الاختيار الموفق أن يختار الإخوة المنظمون لهذه الدروس هذا الموضوع من هذا الكتاب العظيم، فلعلنا نوفق أن نكمل قراءة هذا الكتاب ومطالبه كثيرة جداً، بل لو سرنا على الطريقة المتبعة في شرح الصحيح لاحتاج إلى زمنٍ طويل جداً لا يكفيه، كتاب الفتن لا دورة ولا دورتين ولا ثلاث، ويحتاج إلى مزيدٍ من البسط، لكن المطلوب التسديد والمقاربة؛ لأن الزمن محدود، والكلام كثير في هذا الباب.