ثم قال:"حدثنا محمد بن عبيد الله -بن محمد بن زيد- قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه -سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف- عن –عمه- أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، قال إبراهيم" إبراهيم بن سعد، "وحدثني -يعني متابعاً لأبيه- صالح بن كيسان عن ابن شهاب" الزهري، وصالح بن كيسان من أخص طلاب الزهري، وإن كان أكبر منه سناً؛ لأنه ما تعلم إلا بعد أن طعن في السن، "عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ستكون فتن)) " عند أبي ذر: ((فتنة))، ((ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي)) يعني أن من شارك في الفتن فيهم تفاوت بحسب توغلهم فيها، ليس المراد من القعود الجلوس والمشي على الأرجل، وإن كان هذا هو الأصل، إلا أن بعضهم يكون أشد توغلاً في هذه الفتنة، وبعضهم أخف، فمن اعتزل هذه الفتن لا شك أنه سالم، ولذا قال:((فمن وجد فيها ملجأً أو معاذاً فليعذ به)) فليعتزل، إن كان وضعه العلمي أو الاجتماعي يستدعي دخوله فيها، بعض الناس لا سيما إذا كان من أهل العلم لا يسوغ له أن يعتزل إذا كان يستطيع التأثير في التخفيف من هذه الفتن، يعني إذا اعتزل أهل العلم والحلم والرأي فلمن تترك هذه الفتن؟! الفتن كالنار تأتي على كل شيء، وأهل العلم وأهل الحلم والخبرة والدراية والعقل بهم أو بسببهم يقضى على الفتن -بإذن الله-، على كل حال من اضطر أو من احتيج إليه لمشاركته في هذه الفتن عليه أن يسعى لإخماد هذه الفتن من مهدها إن تمكن، لكن لا يجوز له أن يساهم في إذكائها ولو بكلمة، ومن يساهم في إذكائها وتأجيجها هؤلاء متفاوتون بحسب أعمالهم فيها، منهم المحرض، ومنهم المستوشي، ومنهم .. ، المقصود أنهم متفاوتون، وعبر في الحديث عن هذا التفاوت بالقيام والقعود والمشي، فمن كان أثره في هذه الفتن أقل كان خيراً من .. ، كان أثره أعظم.