للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له» إن عدو الله إبليس لم ير في يوم هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام (١)

فعدو الله إبليس يغيظه اجتماعكم، يغيظه دعاؤكم، أروا الله من أنفسكم خيرا وأغيظوا عدو الله، وأخلصوا لله نياتكم، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يقبل الدعاء من قلب ساه لاه.

مدوا أكف الضراعة إلى ذي الجلال والإكرام اسألوه لأنفسكم الهداية والثبات على دين الإسلام، ولوالديكم المغفرة والتجاوز، ولذرياتكم الصلاح والهداية، وللمسلمين جميعا التوفيق والاستقامة على الطريق المستقيم، اغتنموا بقاءكم في هذا المكان واسألوا الله من فضله وكرمه؛ فإن الله قريب مجيب لمن دعاه بيقين وإخلاص، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين (٢) »

[بيان أعمال يوم عرفة وبقية أعمال الحج]

أيها المسلمون، قفوا بعرفة حتى تغرب الشمس، اقتدوا بنبيكم، فإن نبيكم لم يزل واقفا حتى غربت الشمس وغابت الصفرة قليلا وغاب القرص، قفوا بعرفة وتأكدوا من حدودها، واسألوا إن أشكل عليكم، ولا تنصرفوا إلا بعد أن تغرب الشمس، وصلوا الظهر والعصر جمعا وقصرا كما سنفعله إن شاء الله بعد قليل.

أيها الحجاج الكرام، لا تنصرفوا إلا بعد غروب الشمس، ثم انصرفوا إلى


(١) أخرجه مالك في الموطأ وعبد الرزاق في مصنفه، وسبق تخريجه في خطبة عام (١٤٠٢ هـ) ، الهامش (١٦)
(٢) أخرجه الترمذي في سننه ٥ \٥٥٦، كتاب الدعوات، باب: (بدون) ، ح: (٣٥٥٦) ، وأبو داود في سننه ٢ \٧٨، كتاب: الصلاة، باب: الدعاء ح (١٤٨٨) ، واللفظ للترمذي

<<  <   >  >>