للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آخر القرآن نزولا، لم يأت ما ينسخها ولا ما يخصصها، فمن استحل هذا الربا بعد قيام الدليل عليه ومعرفته بحكم الله فيه، فإنه مرتد خارج عن الإسلام، فواجب المسلمين جميعا أن يتقوا الله في معاملاتهم، وأن يحرروا اقتصادهم من الربا، فإن فيما أباح الله غنية عما حرم الله.

[فضل يوم عرفة]

أيها المسلمون، إنكم اليوم في يوم عظيم من أيام الله، يوم مبارك، خير أيام الله وأفضلها على الإطلاق، يوم عرفة ذلكم اليوم العظيم الذي عظم الله شأنه وأقسم به في كتابه العزيز، ذلكم اليوم الذي نالت به الأمة المحمدية غاية عزها ومجدها عندما أكمل الله لها الدين وأتم عليها النعمة ورضي لها الإسلام دينا.

أيها الحجاج الكرام، توجهوا بقلوبكم إلى ربكم، اسألوه من فضله وكرمه، فإنه قريب مجيب، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (١) ، في هذا اليوم المبارك يتجلى الله لعباده، ينزل إلى سمائه الدنيا نزولا يليق بجلاله، يباهي بكم ملائكته، يقول: «انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبرا ضاحين، يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، أشهدكم أني قد غفرت لهم (٢) »

أفيضوا مغفورا لكم ولمن شفعتم فيه، لقوله -صلى الله عليه وسلم- «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ (٣) » فأروا الله من أنفسكم خيرا.

[على الحجاج أن يكثروا من ذكر الله ودعائه والالتجاء إليه في هذا اليوم]

أكثروا في هذا اليوم من ذكر الله وتعظيمه والثناء عليه، أكثروا من لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير احفظوا جوارحكم مما حرم الله، يقول –صلى الله عليه وسلم-: «هذا يوم من ملك

(٤)


(١) سورة البقرة الآية ١٨٦
(٢) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ٤\ ٢٦٣، كتاب: الحج، باب: تباهي الله أهل السماء بأهل عرفات، ح (٢٨٤٠) ، وابن حبان في صحيحه ٩ \١٦٤، كتاب: الحج، باب: ذكر رجاء العتق من النار لمن شهد عرفات يوم عرفة، ح (٣٨٥٣)
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه ٢ \٩٨٢، كتاب: الحج، باب: في فضل الحج والعمرة ويم عرفة، ح (١٣٤٨)
(٤) أخرجه أحمد في مسنده وابن خزيمة في صحيحه، وسبق تخريجه في خطبة عام (١٤٠٢ هـ) ، الهامش (١٩)

<<  <   >  >>