للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنك نهيض حرةٍ وغراس شريف! عد إلى حديثك! فعاد الشيخ إلى حديثه، حتى إذا فرغ، دعا له بمالٍ ليأخذه، فقال: والله يا أمير المؤمنين، ما بي من حاجةٍ إليه؟ ولقد مات عني من كنت في ذكره آنفاً، فما أحوجني إلى وقوفٍ على باب أحدٍ بعده. ولولا جلالة عز أمير المؤمنين، وإيثار طاعته، ما لبست لأحدٍ بعده نعمةً.

فقال المنصور: مت إذا شئت، فلله أنت! فلو لم يكن لقومك غيرك، لكنت قد أبقيت لهم مجداً مخلداً.

ويقال إن الرجل كان من شيبان.

[أدب سماع الملك ومحادثته]

ومن حق الملك، إذا حضره سماره أو محدثوه، أن لا يحرك أحد منهم شفتيه مبتدئاً، ولا يقطع حديثه بالاعتراض فيه، وإن كان نادراً شهياً، وأن يكون غرضهم حسن الاستماع، وإشغال الجوارح بحديثه؛ فإذا فرغ من الحديث فنظر إلى بعضهم، فقد أذن له أن يحدثه بنظير ذلك الجنس من الحديث. وليس له أن يأخذ في غير جنس حديثه.

وليس لمن حدث الملك أن يفسد ألفاظه وكلامه، بأن يقول في حديثه: فاسمع مني أو افهم عني أو يا هذا أو ألا ترى. فإن هذا وما أشبهه عي من قائله، وحشو في كلامه، وخروج من بسط اللسان، ودليل على الفدامة والغثاثة.

وليكن كلامه

<<  <   >  >>