للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمنها الحجامة، والفصد، وشرب الدواء، فليس لأحدٍ من الخاصة والعامة ممن في قصية دار المملكة أن يشركه في ذلك.

وكانت ملوك الأعاجم تمنع من هذا وتعاقب عليه، وتقول: إذا أراق الملك دمه، فليس لأحد أن يريق دمه في ذلك اليوم حتى يساوي الملك في فعله، بل على الخاصة والعامة الفحص عن أمر الملك، والتشاغل بطلب سلامته، وظهور عافيته، وكيف وجد عاقبة ما يصالح به.

وليس الاقتضاء بفعل الملك في هذا وما أشبهه من فعل من تمت طاعته وصحت نيته وحسنت معونته، لن في ذلك استهانةً بأمر الملك والمملكة.

ومن قصد إلى أن يشرك الملك في شيء، يجد عنه مندوحةً ومنه بداً، بالمهل المبسوطة والأيام الممدودة، فهو عاصٍ مفارق للشريعة.

ويقال إن كسرى أنوشروان كان أكثر ما يحتجم في يوم السبت، وكان المنادى، إذا اصبح في كل يوم سبت، نادى: يا أهل الطاعة! ليكن منكم ترك الحجامة في هذا اليوم على ذكر! ويا حجامون، اجعلوا هذا اليوم لنسائكم وغسل ثيابكم!.

وهكذا كان يفعل في يوم فصد العرق وأخذ الدواء.

[دعاء الملك وتعزيته]

ومن حق الملك، إذا عطس، أن لا يشمت، وإذا دعا، لم يؤمن على دعائه. وكانت ملوك الأعاجم تقول: حقيق على الملك الصالح أن يدعو للرعية الصالحة، وليس بحقيق للرعية الصالحة أن تدعو للملك الصالح، لأن أقرب الدعاء إلى الله دعاء الملك الصلح.

<<  <   >  >>