للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: دعوا الرجل يقعد حيث انتهى به المجلس فأخذ كيساً، فوضعه بين بطنه وحجزة سراويله، وقام. فلم يجسر أحد أن يدنو منه. فقال الخادم: أصلح الله أمير المؤمنين! إنه قد نقص من المال كيس دنانير. فقال: أنا صاحبه، وهو محسوب لك.

وهذه أخلاق الملوك معروفة في سيرهم وكتبهم. وإنما يتفقد مثل هذا من هو دون الملك. فأما الملك، فيجل عن كل شيءٍ، ويصغر عنده كل شيء.

[رد على العامة]

والعامة تضع هذا وما أشبهه في غير موضعه؛ وإنما هو شيء ألقاه الشيطان في قلوبهم، وأجراه على ألسنتهم، حتى قلوا في نحوٍ من هذا في البائع والمشتري: المغبون لا محمود ولا مأجور. فحملوا الجهلة على المنازعة للباعة، والمشاتمة للسفلة والسوقة، والمقاذفة للرعاع والوضعاء، والنظر في قيمة حبةٍ، والاطلاع في لسان الميزان، وأخذ المعايير بالأيدي.

وبالحرى أن يكون المغبون محموداً ومأجوراً، اللهم إلا أن يكون قال له: اغبني. بل لو قالها، كانت أكرومة وفضيلة، وفعلةً جميلة تدل على كرم عنصر القائل، وطيب مركبه.

<<  <   >  >>