للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان لها عيون على مجالسها، إذا غابت عنها. فمن حضرها، فكان في كلامه وإشارته وقلة حركته وحسن ألفاظه وأدبه - حتى أنفاسه - على مثل ما يكون إذا حضر الملك، سمي ذا وجه، ومن خالف أخلاقه وشيمه، وظهر منه خلاف ما يظهره بحضرة الملك، سمي ذا وجهين، وكان عند الملك منقوصاً متصنعاً.

[مكافآت الملوك]

ومن أخلاق الملك أن يخلع على من أدخل عليه سروراً، إما في خاصة نفسه وإما في توكيد ملكه. فإن كان السرور لنفسه في نفسه، فمن حقه على الملك أن يخلع عليه خلعةً في قرار داره، وبحضرة بطانته وخاصته. وإن كان في توكيد ملكه، فمن حقه أن يخلع عليه بحضرة العامة، لينشر له بذلك الذكر ويحسن به الأحدوثة، وتصلح عليه النيات، ويستدعي بذلك الرغبة إلى توكيد الملك وتسديد أركانه. وليس من العدل أن يفرد المحسن بخلعةٍ فقط، إلا أن تكون تلك الخلعة على شربٍ أو لهوٍ. فأما إذا كانت لأحد المعنيين اللذين قدمنا ذكرهما، فمن العدل أن يكون معها جائزة وصلة وترتيب، أو ولاية أو إقطاع أو اجراء أرزاق أو فك أسير أو حمل حمالاتٍ أو قضاء دين أو إحسان، كائناً ما كان، مضافاً إليها، وموصولاً بها.

<<  <   >  >>