للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلى الحكيم المحب لبقاء هذا النسيم الدقيق، وهذا الماء الرقيق، أن يطلب دوامها لنفسه حيلة يجد إليها سبيلاً، ويدفع مقارفتها لكل شيء يقع فيه التأويل بين أمرين من سلامة تنجي أو عطبٍ يتلف. ولا يتكل على خيانة خفيت، أو فجرةٍ حظي بها أحد من أهل السفه والبطالة. فإن تلك لا تسمى سلامة، بل إنما هي حسرة وندامة، يوم القيامة. وكم من فعلةٍ قد ظهر عليها بعد مرور الأيام، وطول الأزمنة بها، فردت من كان قد أحسن بها الظن حتى تركته كأمس الذاهب، كأن لم يكن في العالم!

[إغضاء البصر وخفض الصوت بحضرة الملك]

ومن حق الملك، إذا أنس بإنسانٍ حتى يضاحكه ويهازله ويفضي إليه بسره ويخصه دون أهله، ثم دخل على الملك داخل أوزاره زائر، أن لا يرفع إليه طرفه، إعظاماً وإكراماً، وتبجيلاً وتوقيراً، ولا يعجب لعجبه. وليكن غرضه الإطراق والصمت وقلة الحركة.

<<  <   >  >>