للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في بسطه له. فقال الرشيد: يا محمد! إنامعشر الملوك، إذا غضبنا على أحدٍ من بطانتنا، ثم رضينا عنه بعد ذلك، بقى لتلك الغضبة أثر لا يخرجه ليل ولا نهار.

[أسرار الملك]

ومن حق الملك أن يكتم أسراره عن الأب والأم والأخ والزوجة والصديق. فإن الملك يحتمل كل منقوص ومأنوف، ولا يحتمل ثلاثةً: صفة أحدهم أن يطعن في ملكه، وصفة الآخر أن يذيع أسراره، وصفة الآخر أن يخونه في حرمه.

فأما من وراء ذلك، فمن أخلاق الملوك أن تلبس خاصتها، ومن قرب منها على ما فيهم، وأن تستمع منهم إذا سلموا من هذه الصفات الثلاث.

وكان كسرى أبرويز يقول: يجب على الملك السعيد أن يجعل همه كله في امتحان أهل هذه الصفات، إذ كانت أو كان الملك ودعائمه، فكانت محنته في إذاعة السر عجيبة.

وللقائل أن يقول فيها: إنها خارجة من باب العدل، داخلة في باب الظلم والجور، وللآخر أن يقول: إنها محن الحكماء من الملوك.

وكان إذ عرف من رجلين من بطانته وخاصته التحاب والألفة والاتفاق في كل شيء، خلا بأحدهما فأفضى إليه بسر في الآخر، وأعلمه أنه عازم على قتله، وأمره بكتمان ذلك عن نفسه، فضلاً عن غيره، وتقدم إليه، في ذلك، بوعيده.

<<  <   >  >>