للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقال إن الأسكندر وجه رسولاً إلى بعض ملوك الشرق، فجاءه برسالة شك في حرفٍ منها فقال له الاسكندر: ويلك! إن الملوك لا تخلو من مقوم ومسدد، إذا مالت. وقد جئتني برسالةٍ صحيحة الألفاظ، بينة العبارة؛ غير أن فيها حرفاً ينقضها؛ أفعلى يقين أنت من هذا الحرف أم شاك فيه؟ فقال الرسول: بل على يقين أنه قاله.

فأمر الاسكندر أن تكتب ألفاظه حرفاً حرفاً، ويعاد إلى الملك مع رسولٍ آخر، فيقرأ عليه ويترجم له.

فلما قريء الكتاب على الملك، فمر بذلك الحرف، أنكره فقال للمترجم: ضع يدي على هذا الحرف فوضعها. فأمر أن يقطع ذلك الحرف بسكينة، فقطع من الكتاب. وكتب إلى الإسكندر: إن رأس المملكة صحة فطرة الملك، ورأس الملك صدق لهجة رسوله، إذ كان عن لسانه ينطق، وإلى أذنه يؤدي. وقد قطعت بسكينتي ما لم يكن من كلامي، إذ لم أجد إلى قطع لسان رسولك سبيلاً.

فلما جاء الرسول بهذا إلى الإسكندر، دعا الرسول الأول، فقال: ما حملك على كلمةٍ أردت بها فساد ملكين؟ فأقر الرسول أن ذلك كان لتقصير رآه من الموجه إليه. فقال الاسكندر: فأراك لنفسك لسعيت، لا لنا! فلما فاتك بعض ما أملت، جعلت ذلك ثأراً في الأنفس الخطيرة الرفيعة! فأمر بلسانه، فنزع من قفاه.

<<  <   >  >>