للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاجعل منصرفك إلى منزل نسائك في كل خمس ليالٍ ليلةً. فإذا تحول الرجل، وخلابه، وآنسه، وكان آخر من ينصرف من عنده، فيتركه على هذه الحال أشهراً.

فامتحن رجلاً من خاصته بهذه المحنة في الحرم، ثم دس إليه جاريةً من خواص جواريه، ووجه معها إليه بألطافٍ وهدايا. وأمرها أن لا تقعد عنده في أول ما تأتيه. فلما أتته بألطاف الملك، قامت. فلم تلبث أن انصرف.

حتى إذا كانت المرة الثانية، أمرها أن تقعد هنيهةً، وأن تبدي بعض محاسنها، حتى يتأملها، ففعلت، ولاحظها الرجل، وتأملها، ثم انصرف.

فلما كانت المرة الثالثة، أمرها أن تقعد عنده، وتطيل القعود وتحادثه، وإن أرادها على الزيادة من المحادثة، أجابته، ففعلت، وجعل الرجل يحد النظر إليها، ويسر بحديثها. ومن شأن النفس أن تطلب، بعد ذلك، الغرض من هذه المطايبة، فلما أبدى ما عنده، قالت: إني أخاف أن يعثر علينا، ولكن دعني أدبر في هذا ما يتم به امرنا. ثم انصرف.

فأخبرت الملك بكل ما دار بينهما، فوجه أخرى من خاص جواريه وثقاتهن بألطافه وهداياه، فلما جاءته، قال لها: ما فعلت فلانة؟ قالت: اعتلت. فاربد لون الرجل، ثم لم تطل القعود عنده، كما فعلت الأولى في المرة الأولى، ثم عاودته بعد ذلك، فقعدت أكثر من المقدار الأول، وأبدت بعض محاسنها، حتى تأملها. وعاودته في المرة الثالثة، فأطالت عنده القعود والمضاحكة والمهازلة. فدعاها إلى ما في تركيب النفس من الشهوة. فقالت: إنا من الملك على خطى يسيرة، ومعه في دار واحدة. ولكن الملك يمضي بعد ثلاثٍ إلى بستانه الذي بموضع كذا، فيقيم هناك، فإن أرادك على الذهاب معه، فأظهر أنك عليل، وتمارض. فإن

<<  <   >  >>