للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيما يحكى عن بهرام جور أنه خرج يوماً لطلب الصيد، فعار به فرسه حتى وقع إلى راعٍ تحت شجرة، وهو حاقن. فقال للراعي: احفظ علي عنان دابتي، حتى أبول.

فأخذ بركابه حتى نزل، وأمسك عنان الفرس. وكان لجامه ملبساً ذهباً، فوجد الراعي غفلةً من بهرام، فأخرج من خفه سكيناً، فقطع بعض أطراف اللجام. فرفع بهرام رأسه، فنظر غليه، فاستحيا، ورمى بطرفه إلى الأرض، وأطال الاستبراء ليأخذ الراعي حاجته من اللجام. وجعل الراعي يفرح بإبطائه عنه، حتى إذا ظن أنه قد أخذ حاجته من اللجام، قام، فقال: يا راعي، قد إلي فرسي، فإنه قد دخل في عيني مما في هذه الريح، فما اقدر على فتحهما.

وغمض عينيه لئلا يوهمه أنه يتفقد حلية اللجام. فقرب الراعي فرسه، فركبه. فلما ولى، قال له الراعي: أيها العظيم، كيف آخذ إلى موضع كذا وكذا؟ لموضع بعيد.

قال بهرام: وما سؤالك عن هذا الموضع؟ قال: هناك منزلي، وما وطئت هذه الناحية قط غير يومي هذا، ولا أراني أعود إليه ثانية.

فضحك بهرام، وفطن لما أراد، فقال: أنا رجل مسافر، وأنا أحق بأن لا أعود إلى ههنا أبداً.

ثم مضى. فلما نزل عن فرسه، قال لصاحب دوابه ومراكبه: إن معاليق اللجام قد وهبتها لسائلٍ مربي، فلا تتهمن بها أحداً.

<<  <   >  >>