للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه سيء الرأي، فليس من الوفاء أن يعينه على سوء رأيه. فإن خاف سوط الملك وسيفه، فأحس صفاته أن يمسك عن ذكره بخيرٍ أو شرٍ.

ومنها المواساة للصاحب في المال، حتى يقاسمه الدرهم بالدرهم، والنعل بالنعل، والثوب بالثوب.

ومنها الحفظ له في خلفه وعياله، ما كان في الدنيا، حتى يجعلهم أسوةً بعياله في الجدب والخصب.

ومنها الشكر له باللسان والجوارح.

وكانت ملوك الأعاجم كلها، أولها وآخرها، لا تمنع أحداً من خاصتها وعامتها شكر من أنعم عليها أو على أحدٍ منها، وتقريظه وذكر نعمه وإحسانه، وإن كانت الشريعة قد قتلته، والملك قد سخط عليه. بل كانوا يعرفون فضيلة من ظهر ذلك منه، ويأمرون بصلته وتعهده.

ويقال إن قباذ أمر بقتل رجلٍ كان من الطاعنين على المملكة، فقتل. فوقف على رأسه رجل كان من جيرانه، فقال: رحمك الله! إن كنت، ما علمت، لتكرم الجار، وتصبر على أذاه، وتواسي أهل الحاجة، وتقوم بالنائبة! والعجب كيف وجد الشيطان فيك مساغاً حتى حملك على عصيان ملكك، فخرجت من طاعته المفروضة إلى معصيته! وقديماً ما تمكن ممن هو أشد منك قوةً وأثبت عزماً.

فأخذ الرجل

<<  <   >  >>