يقول ابن كثير في تفسيره:"قيل: نزلت في عبد الله بن سلام. قاله مجاهد، وهذا القول غريب لأن هذه الآية مكية وعبد الله بن سلام إنما أسلم في أول مقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة.
وكان ابن جبير ينكر أن يكون المراد بها عبد الله بن سلام ويقول: هي مكية....
والصحيح في هذا أن {وَمَنْ عِنْدَهُ} اسم جنس".
لا شك أن اعتراض ابن جبير على القول بأن هذه الآية نزلت في عبد الله بن سلام إنما هو اعتراض منطقي لأنه قائم على البرهان.
لقج أصبح واضحًا لنا الآن أن معنى قوله تعالى:{وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} لا يقتصر فقط على "أهل الكتاب" إنما يعني كذلك من عنده علم كتب تسربت إليها نبوءات وبشارات تناقلها الناس عن أنبياء الله ورسله الكثيرين ومنهم الذين عاشوا على هذه الأرض ولم ندر من أمرهم شيئًا لأنهم ممن قال الله فيهم: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ}[النساء: ١٦٤] .
لذلك وجدنا بشارت النبي في أسفار البراهمة والمجوس بجانب أسفار اليهود والمسيحيين، وما ذلك إلا لأنه رسول الله إلى هذا العالم، فكان أن ارتبط به العالم على اختلاف ملله ونحله، وهتف باسمه ووصفه قبل أن يراه، وصدق فيه قول الحق:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: ١٠٧] .