[معجزات الرسول]
لو سئل مسلم عن معجزات الرسول لقال: معجزته القرآن.
بهذه الإجابة البسيطة قال المسلم حقًا وأجاب صدقًا. فالقرآن بما فيه -وما فيه كثير وكثير- يغني عن تلمس أي برهان أو البحث عن معجزة أخرى غيره.
لكن الفكرة الشائعة في أذهان البشر عن المعجزة تدفعهم بداءة إلى توقع الحديث عن أعاجيب وخرق لقوانين الطبيعة، وهو ما سوف نصطلح على تسميته بمعجزات الحوادث باعتبارها تمثل أحداثا شغل كل منها حيزًا محددا من الزمان والمكان.
ومن المعلوم أن وقوع معجزات الحوادث -على شاكلة ما تذكره أسفار العهد القديم، وأسفار العهد الجديد- ليس قرينة كافية على صدق النبي. فقد حذرت التوراة من إمكانية حدوث معجزات مادية على أيدي أنبياء كذبة يدعون إلى غير توحيد الله، فقالت تعليمًا من الله: "إذا قام في وسطك نبي أو حالم. وأعطاك آية أو أعجوبة، لو حدثت الآية أو الأعجوبة التي كلمك عنها، قائلًا: لنذهب وراء آلهة آخرى.. فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم لأن الرب إلهكم يمتحنكم.. وذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم يقتل لأنه تكلم بالزيغ من وراء الرب إلهكم".
وكذلك حذر الإنجيل على لسان المسيح من أولئك الذين يحسبون مسيحيين ويأتون بمعجزات تثير عجب الناس وتستولي عليهم، لكنهم في حقيقة الأمر كذبة وإخوة للشياطين. وفي هذا يقول:
"ليس كل من يقول: يارب، يارب، يدخل ملكوت السموات، وكثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يارب، يارب أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة.
فحينئذ أصرح لهم: إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم" "متى ٧: ٢١-٢٣".
وكذلك بين المسيح أن صدق النبوة لا يشترط ارتباطها بحدوث الأعاجيب، فهذا يحيى بن زكريا الذي قال في حقه.
"ماذا خرجتم لتنظروا؟ أنبيًا؟ نعم أقول لكم، وأفضل من نبي".
ويشهد الإنجيل بأن يحيى هذا "لم يفعل آية واحدة" "يوحنا ١٠: ٤١".
ومع ذلك فإن دراسة معجزات الرسول تدفعنا إلى الحديث عنها من وجهين:
الأول: معجزات الحوادث على شاكلة معجزات الأنبياء السابقين.
الثاني: معجزات القرآن.
وفيما يلي عرض سريع لبعض ما يقال في هذا المجال الواسع.