للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخذهم بها دليلًا، أو لأن بعض البلدان، وخاصة المدينة، لا تعمل بها، ثم يأخذون بأقوال للصحابة أو بعمل أهل المدينة، ولكن هذا لا يعني إلا أمرين.

الأول: أنهم لم يأخذوا بهذا على أنه مثل السنة في المكانة، ولا لأن السنة تطلق عليهما؛ وإنما لأنهم أصبحوا في شك، يقرب من اليقين أن هذا لم يصدر من الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأن هناك انقطاعًا باطنيًّا في الحديث، كما يعبر الأحناف.

الثاني: أن هذا تمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم فقط؛ لأنهم عندما يلجئون إلى عمل، أو إلى الصحابة، فلاعتقاد منهم أنهم ورثوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو بعبارة أخرى عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

نقول هذا لندرك مدى الخطأ الذي وقع فيه بعض المستشرقين من أمثال يوسف شاخت، الذي يقول عن علماء القرن الثاني الهجري قبل الشافعي ومعاصريه إن "السنة بالنسبة إليهم لا ترتبط ضرورة بالنبي، ولكنها تمثل الآثار، ولو تصورًا، التي كان عليها العمل بين الجماعة مكونة العرف، فكانت على قدم المساواة مع ما كان يجري عليه العمل من عاداتهم، أو ما كانت تأخذ به عامتهم على وجه العموم". ويؤكد فكرة المساواة هذه بعبارة أوضح، فيقول: "ومن ناحية أخرى، فإنه من المؤكد أن السابقين والمعاصرين للشافعي كانوا يقدمون أحاديث الرسول إلا أنهم كانوا يضعونها في نفس المنزلة، التي يضعون فيها آثار الصحابة والتابعين"١، ثم يناقض نفسه فيجعل سنة الرسول في منزلة أقل فيقول: "وقد كان الاحتجاج بآثار الصحابة والتابعين هو المعمول فيه عند الجيلين السابقين للشافعي، وكان الاحتجاج بأحاديث الرسول الأمر الشاذ"٢.


١ Origns of Mohamadan Jurisprudence J.ch. P. ٢٥
عن موقف الإمام الشافعي من مدرسة العراق الفقهية: لمحيي الدين عبد السلام البلتاجي. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - القاهرة ص١٣٠.
٢ المصدر السابق ص١٣٢.

<<  <   >  >>