للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الخامس: عرض أخبار الآحاد على القياس]

٨٤٩- خبر الواحد إذا رواه من عرف بالفقه والاجتهاد كالخلفاء الراشدين والعبادلة وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري وعائشة وغيرهم من المشهورين بالفقه من الصحابة رضوان الله عليهم -كان حجة، سواء أكان موافقًا للقياس أم مخالفًا له، فإن كان القياس مخالفًا له ترك هذا القياس؛ لأن مثل هؤلاء لا يتوهم في روايتهم قصور وقد رووا هذا الحديث عن بصيرة، فلم يغيروا فيه فكأنما سمعناه منه صلى الله عليه وسلم١.

٨٥٠- أما إذا روى خبر الواحد من عرف بالضبط والعدالة والحفظ دون الفقه كأبي هريرة وأنس بن مالك رضي الله عنهما وغيرهما ممن اشتهر بالصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماع الأحاديث مدة طويلة في السفر والحضر -فما وافق القياس من روايتهم هذه يقبل وما خالفه فإما أن تكون الأئمة قد تلقته بالقبول أو لا، فإن كان الأول قبل، وإلا فالقياس مقدم عليه إذا كان في أمر ينسد فيه باب الرأي.

٨٥١- ويشترط أن يكون التعارض بين الخبر والقياس تعارضًا من كل وجه بأن يكون عامين أو خاصين ويبطل كل واحد منهما ما يثبته الآخر بالكلية أما إذا تعارضا من وجه دون وجه بأن يكون أحدهما أعم والآخر أخص فالجمع بينهما مهما أمكن واجب بأن يخصص الأعم بالأخص٢.

٨٥٢- وليس في رد الخبر على هذا النحو طعن في الصحابي الذي رواه، فالصحابة عدول كلهم، وعلى العين والرأس؛ ولكنهم لما كانوا ينقلون الخبر بالمعنى، ومن الصعوبة التعبير عن كل معنى أراده صلى الله عليه وسلم لما أوتي من جوامع الكلم، ولم يؤت غيره هذا -فإن غير الفقهاء من الصحابة، رضوان الله عليهم ينقلون بقدر فهمهم للعبارة، وربما يقصر


١ أصول السرخسي حـ١ ص٣٤٢.
٢ حاشية الأزميري على شرح مرآة الأصول حـ٢ ص٢١١.

<<  <   >  >>