للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[السنة والحديث]

١٥- وهذا التعريف للحديث عند المحدثين ينطبق تمامًا على تعريف السنة، عندهم كما سبق أن ذكرنا.

ولكنه قد يبدو في أقوال بعض العلماء في القرن الثاني الهجري التفرقة

بينهما نلمس، ذلك في قول الأعمش١ رحمه الله: "لا أعلم لله قومًا أفضل من قوم يطلبون هذا الحديث، ويحبون هذه السنة٢"، وأوضح منه على هذا قول عبد الرحمن بن مهدي: "الناس على وجوه؛ فمنهم من هو إمام في السنة وليس بإمام في الحديث، ومنهم من هو إمام في الحديث وليس بإمام في السنة".

وربما كان أساس هذا التفريق هو أنهم كانوا ينظرون إلى أن "الحديث أمر علمي نظري، وأن السنة أمر عملي؛ إذ أنها كانت تعتبر المثل الأعلى للسلوك في كل أمور الدين والدنيا، وكان هذا سبب الاجتهاد في البحث عنها والاعتناء بحفظها والاقتداء بها٤".

وربما كان الأساس هو أن بعضهم كان ينظر إلى السنة على أنها أعم من فعلالرسول وقوله وتقريره، وتشمل أفعال الصحابة والتابعين، كما سبق أن ذكرنا.

١٦- ولكننا سنسير في بحثنا هذا -إن شاء الله تعالى- على أن السنة والحديث يتطابقان في المعنى، ويمكن أن يطلق أحدهما على الآخر.

١٧- وقد نطلق لفظين آخرين، ونريد بكل منهما ما نريده من كلمتي السنة والحديث بالمفهوم الذي اخترناه، وهما الخبر والأثر، وهما مرادفان للحديث عند المحدثين، ولهما مفهومات أخرى عند غيرهم٥ ليس هنا مجال بحثها.


١ هو أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي "١٤٨هـ" له ترجمة في تذكرة الحفاظ للذهبي - الطبعة الثالثة ١/ ١٥٤.
٢ المحدث الفاصل بين الراوي والواعي: الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي "نحو ٢٦٠ - ٣٦٠هـ" تحقيق د. محمد عجاج الخطيب. دار الفكر بيروت. الطبعة الأولى ١٣٩١هـ - ١٩٧١م، ص ١٧٧.
٣ تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل: للإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (٢٤٠ - ٣٢٧هـ) الطبعة الأولى - دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد الدكن. الهند ١٣٧١هـ - ١٩٥٢م ص١١٨.
٤ الاتجاهات الفقهية ص٤.
٥ شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني - مكتبة القاهرة. ص٣ - قواعد التحديث ص ٦١ - ٦٢.

<<  <   >  >>