للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٤٦- ونكتفي بمناقشة هؤلاء الأئمة الثلاثة الذين عاشوا في القرن الثاني الهجري موضع بحثنا، ولكننا نشير إلى أن بعض العلماء وخاصة من الظاهرية ومن أصحاب المذاهب الأربعة قد عارضوهم في أصلهم هذا وأفاضوا في مناقشتهم. ومن هؤلاء ابن حزم في كتابه الإحكام١، وابن القيم في كتابه أعلام الموقعين٢.

٨٤٧- والحق أن عمل كل بلد كان له تأثير في رأي أصحابه واجتهادهم ولكنه ينبغي ألا يرجح على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان الأولى بمن قالوا بعمل أهل المدينة وإجماعهم ورجعوهما على بعض السنن أن يفعلوا كما فعل الإمام مالك رضي الله عنه، فقد أقر بالسنة وأخذ بها، وقدم عمل أهل المدينة كنوع من الخلاف ربما كان له وجه من الصواب، شأنه في ذلك شأن ما عليه أهل الأمصار الأخرى. وهذا ما جعله لا يرضى أن يحملوا على الموطأ وما فيه من رواية وعمل عندما أشار عليه أحد الخلفاء بذلك.

٨٤٨- والنتيجة الأهم من ذلك هي أننا أصبحنا على يقين من أن علماءنا -من خلال هذا المقياس أو الأصل- نظروا إلى الحديث من حيث معناه وفنه ليوثقوه بعيدًا عن إسناده، فعل ذلك الآخذون بعمل أهل المدينة إذا تعارض مع الآحاد والمنكرون على السواء، كما رأينا، وكما تجلى عند الأئمة الليث بن سعد ومحمد بن الحسن والشافعي رضوان الله عليهم أجمعين.

والآن فإلى مقياس آخر من مقاييس توثيق متن الحديث، وهو عرض أخبار الآحاد على القياس، وحقيقة الأمر في تطبيقه عند بعض العلماء.


١ ص ٢١٤ - ٢٣٧ حـ٢.
٢ حـ٢ ص٢٩٤ وما بعدها.

<<  <   >  >>