تعبيرهم عن المراد، فيؤدي بعضه، ولتوهم هذا القصور قال الأحناف -كما يروي عيسى بن أبان-: إنه إذا انسد باب الرأي فيما روي وكان الخبر مخالفًا للقياس الصحيح وليس موافقًا لقياس آخر فلا بد من تركه؛ لأنه حينئذ كأنه مخالف للكتاب والسنة المشهورة والإجماع؛ إذ كون القياس الصحيح حجة ثابت بالكتاب والسنة المشهورة والإجماع١.
٨٥٣- ومثال ما رده الأحناف -تبعًا لرواية عيسى بن أبان- تطبيقًا لهذا المقياس حديث المصراة الذي تقدم ذكره كمثال على مخالفته لكتاب الله عز وجل والخبر المشهور -فهو مخالف أيضًا للقياس الصحيح؛ لأنه أوجب رد صاع من تمر مقابل اللبن الذي حلبه، واللبن الذي يحلب بعد الشراء والقبض لا يكون مضمونًا على المشتري؛ لأنه فرع ملكه الصحيح، فلا يضمنه قياسًا على غيره مما يكون في ملكه الصحيح، ولا يضمن بسبب العقد؛ لأن ضمان العقد ينتهي بالقبض، وهذ بعده فلا يرد، قياسًا على اللبن الآخر بعد القبض، وإذا كان اللبن المصرى موجودًا عند العقد فإنه لم يكن مالًا؛ لأنه باطن كالحبل، ولا يصير مالًا إلا بالحلب فلا يدخل تحت العقد، فيكون حينئذ كالكسب.
٨٥٤- على أننا إذا اعتبرناه مالًا فهو صفة للشاة أو غيرها فيعتبر مالًا تبعًا، ولا يضمن ويرد، وهو عندئذ كالصوف، ولا يكون حصة من الثمن ما لم يزايل الأصل، ولو زال قبل القبض فآفة من الآفات لم يسقط شيء من الثمن وهو هكذا إذا قبض والوصف متصل بالأصل لا يصير حصة من الثمن ولا يصير مضمونًا.
٨٥٥- ولئن جاز أن يقابله ضمان فهو ضمان العقد، فينبغي أن يسقط من البائع حصته من الثمن قياسًا على أنه لو اشترى شيئين ثم رد أحدهما فعل ذلك.
٨٥٦- وإذا اعتبرناه ضمان التعدي فمن الواجب أن يضمن مثل اللبن كيلًا أو دراهم قياسًا على ما يضمن بالتعدي، أما الصاع من التمر بلا تقويم،