للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلّ اللبن أو كثر فلا وجه له في الشرع.. أضف إلى ذلك أن ظاهر هذا الحديث يدل على توقيت خيار العيب، وهو غير مؤقت بالإجماع، "فثبت أنه مخالف للقياس من جميع الوجوه فوجب رده بالقياس"١.

٨٥٧- ومن الأمثلة كذلك ما يرويه سلمة بن المحبق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيمن وطئ جارية امرأته: "فإن طاوعته فهي له، وعليه مثلها، وإن استكرهها فهي حرة، وعليه مثلها" فإن القياس الصحيح يرد هذا الحديث٢ "ويتبين أنه كالمخالفات للكتاب والسنة المشهورة والإجماع"٣.

٨٥٨- ويدفع الأحناف ما يعترض عليهم، ويشنع به عليهم من أخذهم بحديث القهقهة في الصلاة مع مخالفته للقياس، ومع أن رواية هو معبد الجهني وهو لم يعرف بالفقه بين الصحابة، وكان خبر المصراة أولى بالقبول والعمل به لأنه أثبت متنًا وأقوى سندًا وراويه هو أبو هريرة، وهو أعلى رتبة في العلم من معبد -يدفعون هذا بقولهم: إنه قد رواه غير معبد الجهني كثير من الصحابة مثل أبي موسى الأشعري، وجابر وأنس وعمران بن الحصين، وأسامة بن زيد وعمل به كبراء الصحابة والتابعين، مثل علي وابن مسعود وابن عمر والحسن وإبراهيم ومكحول، فلذلك وجب قبوله وتقديمه على القياس.

٨٥٩- كما يدفعون أيضًا ما رموا به هنا من الطعن في أبي هريرة بهذا المسلك وأمثاله من الصحابة -فيقولون: إنه مما لا شك فيه أنه قد ثبتت عدالته وطول صحبته لرسول الله، صلى الله عليه وسلم وحسن حفظه وضبطه، فقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك٤ ... ولكن مع هذا قد اشتهر


١ كشف الأسرار حـ٢ ص٧٠٢.
٢ آداب الشافعي ص١٧٠ - ١٧١ فقيه محاورة جرت بين الحسن بن زياد اللؤلؤي وأحد أصحاب الشافعي وهو حاضر، وفيها يبين صاحب الشافعي مخالفة هذا الحديث للقياس.
٣ أصول السرخسي حـ١ ص٣٤٢.
٤ صحيح البخاري "طبعة الشعب" حـ٩ ص١٣٣.

<<  <   >  >>