للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم: "والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة" وبرجم ماعز وغيره ... وقيد الإطلاق في قوله تعالى في كفارة اليمين: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} ١، بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه المشهورة: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات". هذا وإن كان الأحناف يطلقون على هذه الزيادات النسخ؛ لأن شرط التخصيص والتقييد عندهم "أن لا يكون المخصص مثل المخصوص منه في القوة، وأن يكون متصلًا لا متراخيًا، ولم يوجد الشرطان جميعًا"٢.

٢٠٢- وذكر عيسى بن أبان أن المشهور ينقسم إلى ثلاثة أقسم:

١- قسم يضلل جاحده ولا يكفر، وذلك نحو خبر الرجم الذي اتفق عليه العلماء في الصدر الأول والثاني، وإنما خالف فيه الخوارج، وخلافهم لا يكون قادحًا في الإجماع.

٢- وقسم لا يضلل جاحده، ولكن يخطأ، ويخشى عليه من المأثم، وذلك نحو خبر المسح على الخفين، وذلك لأن العلماء اختلفوا فيه في الصدر الأول؛ فإن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما كانا يقولان: سلوا هؤلاء الذين يرون المسح هل مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد سورة المائدة؟ والله ما مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد سورة المائدة، وإن كان قد نقل عنهما رجوعهما عن ذلك، وكذلك خبر الصرف، فقد روي عن ابن عباس أنه كان يجوز التفاضل، مستدلًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ربا إلا في النسيئة". وقد نقل رجوعه عن ذلك، فلشبهة الاختلاف هذه اختلف عن القسم الأول في أنه لا يضلل جاحده ... ولكن باعتبار رجوعهم يثبت الإجماع، وقد ثبت الإجماع على قبوله في الصدر الأول والثاني ولهذا يخشى على جاحده المأثم.

٣- وقسم لا يخشى على جاحده المأثم، ولكن يخطأ في ذلك، وهو الأخبار التي اختلف فيها الفقهاء في باب الأحكام؛ لأنه عندما يعمل به إنما يعمل به عن اجتهاد، والمجتهد لا يأثم حتى ولو أخطأ، وكذلك لو جحده٣.


١ المائدة: ٨٩.
٢ كشف الأسرار ٢/ ٦٨٩.
٣ كشف الأسرار ٢/ ٦٨٩ - ٦٩٠ - أصول السرخسي ١/ ٢٩٢ - ٢٩٤.

<<  <   >  >>