للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} ١.

٢١١- وعند محمد بن الحسن رحمه الله يجوز أن يعمل بخبر الكافر إذا كان الاحتياط في العمل به، ورواية الكافر الحديث في هذا مثل إخباره بنجاسة الماء، فإنه لا يعمل المخبر عنه بخبره، وإن وقع في قبله صقده، بل يتوضأ بذلك الماء، ولكنه إن أراق الماء احتياطًا، إذا وقع في قلبه صدقة، ثم تيمم جازت صلاته، وإن تيمم من غير إراقة وصلى لا تجوز صلاته؛ لأن الماء أمامه، وهو طاهر ... وينبغي أن يكون شأن الكافر في رواية الحديث كشأنه في الإخبار عن نجاسة الماء -في رأي محمد- فلا يقبل خبره في الدين ولا يكون حجة كما لم يقبل في نجاسة الماء إلا أن الاحتياط لو كان في العمل يستحب الأخذ به كما استحبت الإراقة، ثم التيمم هناك٢.

٢١٢- ويدخل في الرواة الكفار من كفر ببدعته من المجسمة ومنكري علم الجزئيات وغلاة الروافض الذين ادعى بعضهم حلول الإلهية في علي أو غيره، أو الإيمان برجوعه إلى الدنيا قبل يوم القيامة ... وقيل: إن الشافعي نص على كفر القائل بخلق القرآن، وقد أول البيهقي هذا على أنه كفران نعمة، فيدخل خبره عندئذ في خبر الفاسق، ولكن البلقيني رد هذا التأويل بدليل أن الشافعي أفتى بضرب عنق حفص٣ الفرد مما يدل على أن بدعته هذه كفرته. وقال النووي: إن رد رواية هؤلاء متفق عليها، ولكن تعقبه السيوطي بأن هناك من تقبل روايتهم٤. وهذا هو الحق؛ لأنهم تأولوا فلا ينبغي أن نعتبرهم من الكفار، وربما حكمنا بفسقهم بسبب شططهم في تأويلهم، ومن هنا يكون السؤال: هل هم عدول أو لا؟ وعلى هذا فمحل بحثهم العدالة. إن شاء الله تعالى.


١ النساء: ١٤١.
٢ كشف الأسرار ٣/ ٧٤٣، ٧٤٤.
٣ هو أبو عمرو المصري البصري من أكابر المجبرة "له ترجمة في لسان الميزان ٢/ ٢٣٠".
وذكر الخطيب البغدادي أن هناك طائفة من أهل النقل والمتكلمين ذهبوا إلى قبول أخبار أهل الأهواء كلها وإن كانوا كفارًا وفساقًا بالتأويل "الكفاية ص١٩٥ الطبعة المصرية".
٤ تدريب الراوي ١/ ٣٢٤ - ٣٢٥.

<<  <   >  >>