للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التفسير الثاني:

أنهما مثل الفاسق في وجوب التوقف والتحري في خبره، فالعطف هنا على الفاسق.

التفسير الثالث:

وهو المختار عند مؤلفي الحنفية -أن خبرهما مثل خبر الكافر؛ لأن العطف على أقرب المذكور، والكافر هو الأقرب، فلا يجعل عطفًا على الأبعد من غير ضرورة، وكان هذا التفسير هو المختار؛ لأن خبرهما لو كان حجة لأثبتنا لهما ولاية متعدية، والولاية المتعدية فرع عن الولاية القائمة ... ؛ أي: ثبوت الولاية على الغير فرع لثبوتها على النفس، إذ الأصل في الولايات ولاية المرء على نفسه، ثم تتعدى إلى غيره عند وجود شرط التعدي؛ لأن الولاية قدرة، ومن لا يقدر في نفسه لا يقدر على غيره وليس للصبي والمعتوه ولاية ملزمة على أنفسهما بالإجماع، وإنما هي مجوزة، يعني تصرفهما جائز الثبوت، فلو انضم إليه رأي الولي يصير ملزمًا، ولوكان ملزمًا ابتداء لم يحتج إلى انضمام رأيه إليه، فلو قبلنا خبرهما ملزمًا، ولو كان ملزمًا ابتداء لم يحتج إلى انضمام رأيه إليه، فلو قبلنا خبرهما صارت ولايتهما متعدية إلى الغير ملزمة عليه؛ لأنه إذا وضع خبرهما موضع الحجة وجب على المروي له العمل به، وهو في هذا مثل الكافر، فإنه لما لم يلزمه موبج ما أخبر به لكونه غير مخاطب بالشرائع كان خبره ليس ملزمًا على الغير ابتداء، فالكافر ليس من أهل الإلزام، فكذا الصبي.

٢١٧- حقيقة إن الصحابة رضوان الله عليهم تحملوا الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صغرهم، ولكنهم نقلوها بعدما كبروا، ولو كانت ولاية الصغير حجة لنقلوها في صغرهم أيضًا.

وقد يقال: إن أهل قباء تحولوا عن بيت المقدس إلى الكعبة بخبر صغير مما يدل على أن رواية الصغير جائزة وملزمة.

والجواب عن ذلك أن الذي أتاهم هو أنس رضي الله عنه، وإذا كان عبد الله بن عمر قد أتاهم وأخبرهم، وهو صغير فإنهم اعتمدوا على رواية

<<  <   >  >>