للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالصدق في حديثه ... بريئًا من أن يكون مدلسًا، يحدث عمن لقي ما لم يسمع منه١".

٢٢١- وليس المقصود من العدل أن يكون بريئًا من كل ذنب، وإنما المراد أن يكون الغالب عليه التدين, والتحري في فعل الطاعات يقول سعيد بن المسيب: "ليس من شريف ولا عالم ولا ذي سلطان إلا وفيه عيب لا بد، ولكن من الناس من لا تذكر عيوبه؛ من كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله ... ". ويقول الإمام الشافعي في هذا المعنى أيضًا: "لا أعلم أحدًا أعطي طاعة الله، حتى لم يخلطها بمعصية الله إلا يحيى بن زكريا عليه السلام ... ولا عصى الله، فلم يخلط بطاعة، فإذا كان الأغلب الطاعة فهو المعدل، وإذا كان الأغلب المعصية، فهو المجرح"٢ ... ويعبر أبو يوسف عن هذا الاتجاه حين يقول: "من سلم أن تكون منه كبيرة من الكبائر التي أوعد الله تعالى عليها النار، وكانت محاسنه أكثر من مساوئه فهو عدل"٣.

٢٢٢- هذا هو مذهب أكثر العلماء، ولكن يروى عن أبي حنيفة وأهل العراق أن العدالة هي إظهار الإسلام، والسلامة من فسق ظاهر فمتى كانت هذه حال المرء وجب أن يكون عدلًا٤ ... وهذه حالة مجهول الحال عند الإمام الشافعي وأحمد وأكثر أهل العلم، فلا بد من معرفة سيرته، وكشف سريرته أو تزكية من عرفت عدالته له، وتعديله له٥.

٢٢٣- ومعرفة العدالة في الراوي تكون على مستويين:

١- مستوى يتساوى في معرفته الخاصة والعامة، وهو الصحة في البيع والشراء والأمانة ورد الودائع وإقامة الفرائض وتجنب المآثم، لهذا ونحوه


١ الرسالة: ص٣٧٠، ٣٧١.
٢ الكفاية الطبعة المصرية ص١٣٨.
٣ نشأة علوم الحديث ص١٥٨ نقلًا عن اختلاف الفقهاء لأبي جعفر الطحاوي ٢/ ٣٦ب.
٤ الكفاية هـ، ص٨٧ وانظر مناقشة الخطيب لهذا الرأي من ص٨١ - ٨٤.
٥ نشأة علوم الحديث ومراجعه ص١٥٨.

<<  <   >  >>