للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الآجال، وقبضها المشتري لا يجوز له أن يشتريها بأقل من الثمن، واحتج بحديث أبي إسحاق عن امرأته عالية بنت أنفع دخلت مع امرأة أبي السفر على عائشة، فذكرت لعائشة أن زيد بن أرقم باع شيئًا إلى العطاء، ثم اشتراه بأقل مما باعه، فقالت عائشة: أخبري زيد بن أرقم أن الله قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن يتوب١.

٢٦٧- ولم يأخذ الشافعي بهذا الحديث؛ لأنه لا يقبل الحديث عن مجهول، ولهذا فقد رد على هؤلاء بأن امرأة أبي إسحاق هذه مجهولة، لا نعرف عنها شيئًا غير أن زوجها روى عنها، ولهذا رأى أن من باع سلعة من السلع إلى أجل من الآجال، وقبضها المشتري، فلا بأس أن يبيعها الذي اشتراه بأقل من الثمن، أو أكثر، أو دين، أو نقد؛ لأنها بيعة غير البيعة الأولى٢.

٢٦٨- وقال بعض الناس: تقبل روايته، وهو يبني رأيه على أساس أنه يكفي في الراوي أن يكون مسلمًا، ويحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عدول بعضهم على بعض"، فهذا من الشرع تعديل لكل مسلم وتعديل صاحب الشرع أولى من تعديل المزكي"٣.

٢٦٩- ويرى الحنفية أن خبر المجهول في القرون الثلاثة الأولى حجة؛ لأنه عدل بتعديل صاحب الشرع إياه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" ٤. هذا ما لم يتبين منه ما يزيل عدالته، وخبر من بعد القرون الثلاثة عندهم غير حجة؛ لغلبة الفسق٥.

٢٧٠- والحق أن هذا يكاد يكون نفس الرأي الذي لا يشترط إلا


١ الإجابة ص١٣٧ - ١٣٩ وفيه كلام مفيد آخر حول هذا الحديث.
٢ مناقب الشافعي ٢/ ١٤، ١٥.
٣ كشف الأسرار ٣/ ٧٤٠.
٤ قواعد في علوم الحديث ص٢٠٨ - ٢٠٩. وقد روى الحديث الشيخان: البخاري في كتاب الشهادات ومسلم في فضائل الصحابة، وانظر مجمع الزوائد ١٠/ ١٨، ٢١.
٥ المصدر السابق نفسه.

<<  <   >  >>