للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- وإذا كان المثال السابق من حديث المدنيين، فإن المثال التالي من حديث الكوفيين، وهو حديث ابن مسعود "أن النبي، صلى الله عليه وسلم كان يكره عشر خلال".

يقول ابن المديني: "هذا حديث كوفي وفي بعض إسناده من لا يعرف في هذا الطريق. ورواه الركين بن الربيع، عن القاسم بن حسان، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن ابن مسعود، ولا أعلم روى عن عبد الرحمن بن حرملة هذا شيئًا إلا من هذا الطريق، ولا نعرفه في أصحاب عبد الله"١.

٢٧٦- ولم يجمعوا على رد رواية مجهول العين بهذا التحديد، قال بعضهم: لا تقبل مطلقًا، وقال بعضهم:تقبل مطلقًا، وهو قول من لا يشترط في الراوي مزيدًا على الإسلام. وقال بعضهم: إن تفرد بالرواية عنه من لا يروي إلا عن عدل؛ كابن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان -قبلت روايته لأن هذا دليل على عدالته ... وقال بعضهم: إن زكاه واحد من أئمة الجرح والتعديل مع رواية واحد عنه قبلت روايته ... وقال آخرون: إن كان مشهورًا في غير العلم بالزهد أو النجدة قبلت روايته ... ٢.

٢٧٧- وأما مجهول العين عند الحنفية فهو من لم يعرف إلا بحديث أو حديثين، وجهلت عدالته، سواء انفرد بالرواية عنه واحد، أو روى عنه اثنان فصاعدًا، وهذا المجهول إن كان صحابيًّا فلا تضر جهالته عندهم وعند غيرهم؛ لأن الصحابة -رضوان الله عليهم- كلهم عدول عند الجمهور من العلماء، وإن كان غير صحابي؛ فإما أن يظهر حديثه في القرن الثاني أو لا، فإن لم يظهر جاز العمل به في القرن الثالث لا بعده، وإن ظهر؛ فإن شهد له السلف بصحة الحديث أو سكتوا عن الطعن فيه قبلت روايته، وإن ردوه ردت روايته، وإن قبله البعض ورده البعض الآخر، مع نقل الثقات عنه؛ فإن وافق حديثه قياسًا ما قبل وإلا رد٣.


١ العلل، لابن المديني ص١٠٤ و١٠٥، ١٠٦، ١٠٧.
٢ تدريب الراوي ١/ ٣١٦.
٣ قفو الأثر ص٢٠.

<<  <   >  >>